للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زعَم أبو جعفرٍ الطَّحاوِيُّ أنّ زيدَ بن أسلَمَ لَمْ يسمَعْ من ابن عمرَ، وهذا غَلَطٌ، وقد بان لك في حديثِ ابن عُيينةَ هذا سَماعُه (١)، وممّا يَدُلُّ على ذلك أيضًا ما ذكَره ابن وَهْبٍ في كتابِ "المجالسِ"، قال: أخبَرنا ابن زيدٍ، عن أبيه، أنّ أباه أسلمَ أرسَلَه إلى عبدِ الله بن عُمرَ يكتُبُ له إلى قيِّمِه بخَيبرَ أنْ يصنعَ له خَصَفَتَيْنِ (٢) للأقِطِ. قال: فجِئْتُه فقلتُ: أألِجُ؟ فقال: ادخُلْ. فلمّا دخَلْتُ قال: مرحبًا بابن أخِي، لا تقلْ: أألِجُ ولكن قل: السلامُ عليكم. فإذا قالوا: وعليك. فقلْ: أأدْخُلُ؟ فإذا قالوا: ادْخُلْ. فادخُلْ. فقال له زيدٌ: إنَّ أبي يقرَأُ عليك السلامَ، ويقولُ: اكتُبْ إلى قَيِّمِكَ بخيبرَ أنّ يصنَعَ له خَصَفَتَيْن للأقطِ. فقال: نعم وكرامةً، اكتُبْ يا غلامُ. فكتَب إلى قَيِّمِه يأمُرُه أنْ يَصنعَ لأبي (٣) خالد (٤) خَصَفَتَيْنِ جيِّدَتَيْنِ حَسنتَيْنِ. فلم يَأْلُ. قال زيدٌ؛ فبينَما هو يَكتُبُ إذ دخَل عليه عبدُ الله بن واقدٍ ابن ابنِه وهو مُلْتَحِفٌ، مُرْخٍ ثوبَه، فقال له: ارفَعْ ثوبَكَ. فرفَع، فقال: ارفَعْ، فرفَع، فقال: ارفَعْ، فرفَع، وقال: إنّ في رِجلَيَّ قُروحًا. فقال: وإن، فإنِّي سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "لا يَنظُرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى مَن يَجُرُّ ثوبَه مِن الخيلاءِ يومَ القيامةِ".

وهذا واضحٌ في كراهيةِ ابن عمرَ لجَرِّ الإنسانِ ثوبَه على كلِّ حالٍ؛ لأنّ عبدَ الله بن واقدٍ أخبَرَه أنّ في رِجْلَيْه قُروحًا، فقال: وإنْ.


(١) وهو في "الصحيحين"البخاري (٥٧٨٣)، ومسلم (٢٠٨٥). وجاء في "تاريخ ابن معين" رواية الدوري عنه (١٠١٣): سمعت يحيى يقول: قد سمع زيد بن أسلم من ابن عمر ولم يسمع زيد بن أسلم من جابر.
وقال في موضع آخر: "زيد بن أسلم قد سمع من ابن عمر، ولم يسمع من أبي هريرة" (١١٤٦)، وتنظر موسوعة أقوال يحيى بن معين ٢/ ١٢٢.
(٢) الخصفة: وعاء يصنع من الخوص يحفظ فيه التمر والأقط وغيرهما.
(٣) في ك ٢: "لي"، والمثبت من بقية النسخ.
(٤) "خالد" من ق، وأبو خالد هي كنية أسلم مولى عمر، كما في تهذيب الكمال ٢/ ٥٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>