للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومَ القيامةِ يَجُرُّ إزارَه خيلاءَ". قال: فلم يُرَ الفتَى إلّا مُشَمِّرًا بعدَ ذلك اليوم حتى مات (١).

وقد ظنَّ قومٌ أنّ جَرَّ الثوبِ إذا لَمْ يكنْ خُيلاءَ فلا بأسَ به. واحتجوا لذلك بما حَدَّثَنَا عبدُ الله بن محمدِ بن أسدٍ، قال: حَدَّثَنَا سعيدُ بن عثمانَ بن السَّكَنِ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن يوسفَ، قال: حَدَّثَنَا البخاريُّ، قال (٢): أخبَرنا ابن مُقاتل، قال: أخبَرنا عبدُ الله، قال: أخبَرنا موسى بن عقبةَ، عن سالم بن عبدِ الله، عن عبدِ الله بن عُمَر، قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن جَرَّ ثوبَه خُيلاءَ لَمْ ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ". فقال أبو بكر: إنّ أحدَ شِقَّي (ثوبي) (٣) يَسْترخِي إلّا أنّ أتعاهدَ ذلك منه. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّك لست تَصنعُ ذلك خُيلاءَ". قال موسى: قلتُ لسالم: أَذَكَر عبدُ الله "مَن جَرَّ إزارَه قال: لَمْ أسْمَعْه إلّا ذكَر "ثَوبَه" (٤).

وهذا إنّما فيه أنّ أحَدَ شِقَّيّ ثوبِه يَسترخِي لا أنّه تعمَّدَ ذلك خُيلاءَ، فقال له رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لستَ ممّن يَرضَى ذلك، ولا يتعمَّدُه، ولا يُظَنُّ بك ذلكَ. وقد مضَى ما فيه كفاية في هذا المعنَي، وسنَزِيدُه بَيانا في بابِ العلاءِ إن شاء اللهُ.

وذكَر موسى بن هارونَ الحمَّالُ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن بكَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو معشَرٍ، عن أبي حازمٍ، قال: إنّ اللهَ تبارك وتعالى لا يَنظُرُ إلى عبدٍ يَجُرُّ ثوبَه من الخُيلاءِ حتى يضَعَ ذلك الثوبَ، وإن كان اللهُ يُحِبُّ ذلك العبدَ.

قال أبو عُمر: روَى زيدُ بن أسلمَ، عن ابن عمرَ أحاديثَ، منها هذا.


(١) حديث عليّ بن عبد العزيز البغوي أخرجه عنه الطبراني في الكبير (١٣٢٩٥)، قال: حَدَّثَنَا أبو نعيم - وهو الفضل بن دكين - ومن طريقه أخرجه البيهقي في الشعب (٥٧١٢)، وهو إسناد صحيح.
(٢) البخاري (٣٦٦٥).
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من البخاري، وهي لازمة.
(٤) في البخاري: "لَمْ أسمعه ذكر إلَّا ثوبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>