للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قَبيصةَ الهلاليِّ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا انكسَفتِ الشمسُ أو القمرُ فصلُّوا كأحدثِ صلاةٍ صَلَّيْتُموها مكتوبةٍ" (١).

قال أبو عُمر: الأحاديثُ في هذا الوجهِ في بعضِها اضطرابٌ، ترَكْتُ ذلك لشُهرتِه عندَ أهلِ الحديثِ، ولكراهةِ التطويلِ، والمصيرُ إلى حديثِ ابن عباس وعائشةَ من روايةِ مالكٍ أولى (٢)، لأنّها أصحُّ ما رُويَ في هذا البابِ من جهةِ الإسنادِ، ولأنّ فيها زيادةً في كيفيَّةِ الصلاةِ يجبُ قَبولُها واستعمالُ فائدتِها، ولأنّهما قد وصَفا صلاةَ الكُسُوفِ وصفًا يَرْتفِعُ معه الإشكالُ والوهمُ.

فإن قيل: إنّ طاووسًا روَى عن ابن عباسٍ أنَّه صلَّى في صلاةِ الكُسُوفِ رَكْعتين، في كلِّ رَكْعةٍ ثلاثُ رَكَعاتٍ، ثم سجَد (٣)، وإنّ عُبيدَ بن عُصر روَى عن عائشةَ مثلَ ذلك (٤)، وإنّ عطاءً روَى عن جابرٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في صلاةِ الكسوفِ ستَّ رَكَعاتٍ في أربعِ سجَداتٍ (٥)، وإنّ أبا العاليةِ روَى عن أُبيِّ بن كعبٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عشرَ رَكعاتٍ في رَكْعتَي الكُسوفِ، وأربعَ سَجَداتٍ (٦). فلم يكنِ المصيرُ عندَك إلى زيادةِ هؤلاءِ أوْلى، قيلَ له: إنّما تُقْبَلُ الزيادةُ من الحافظِ إذا ثَبَتَتْ عنه،


(١) سلف تخريجه قريبًا.
(٢) حديث عائشة من رواية مالك سلف تخريجه، وأما حديث ابن عباس من روايته - أي مالك - فأخرجه البخاري (١٠٥٢)، ومسلم (٩٥٧).
(٣) أخرجه مسلم (٩٠٩).
(٤) وحديثه عن عائشة رضي الله عنها أخرجه مسلم (٩٠١) (٧).
(٥) أخرجه مسلم (٩٠٤) (٩)، وسيعزوه المصنف قريبًا لأبي داود فحسب، وهو عنده في السنن (١١٧٩).
(٦) حديث ضعيف، أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد السند ٣٥/ ١٤٨ (٢١٢٢٥)، وأبو داود (١١٨٢)، وفي إسناده أبو جعفر الرازي - وهو عيسى بن عبد الله بن ماهان - سيِّئ الحفظ، وقد تفرّد به. وفد قال عنه الحافظ ابن عبد البر فيما سيأتي في شرحه قريبًا بأنه حديث ليِّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>