للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيى: قال: "ويَكْفُرنَ العَشيرَ" بالواو (١). قالوا: وقد تابعه بعضُ من يُعَدُّ عليه ذلك أيضًا غَلَطًا كما عُدَّ على يحيى (٢)، والمحفوظ فيه عن مالك، من روايةِ ابن القاسم (٣)، وابن وهبٍ (٤)، والقعنبي (٥)، وعامة رواةِ "الموطأ" (٦)، قال: "يَكْفُرْنَ العشير". بغير واوٍ، وهو الصحيحُ في المعنى.

وأما روايةُ يحيى، فالوجه فيها، والله أعلم، أن يكونَ السائلُ لَمَّا قال: أيَكْفُرْنَ بالله؟ لم يُجِبْه على هذا جوابًا مكشوفًا؛ لإحاطة العلم بأنّ من النساء من يَكْفُرْنَ بالله، كما أنّ من الرجال من يَكفُرُ بالله، فلم يَحتَجْ إلى ذلك، لأن المقصودَ في الحديث إلى غير ذلك، كأنّه قال: وإن كان من النساء من يَكْفُرْنَ باللّه، فإنهنّ كُلَّهُنَّ في الغالب من أمرهنَّ يَكْفُرْنَ الإحسانَ، ألا ترَى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - للنساء المؤمنات: "تَصَدَّقْنَ، فإنِّي رَأيْتُكُنّ أكثرَ أهلِ النار".

قرأتُ على خلفِ بن القاسم، أنّ الحُسينَ بن جعفرٍ الزيّاتَ حدَّثهم بمصرَ، قال: حدَّثنا يوسفُ بن يزيدَ، قال: حدَّثنا حجّاجُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن


(١) الموطأ ١/ ٢٦١ (٥٠٨) برواية يحيى الليثي.
(٢) وتابعه على هذا القول الحافظ ابن حجر في الفتح ٢/ ٥٤٢ فقال: "فإن كان المراد من تغليطه كونه خالف غيره من الرُّواة فهو كذلك"، وردَّ ذلك العينيُّ من جهة أن زيادة الواو هنا لم تُخِلَّ في المعنى العامّ المفهوم من السياق، فقال: "ليس كذلك؛ لأنّ المخالفةَ للرُّواة إنما تُعدُّ غلطًا إذا فَسَد المعنى، ولا فسادَ" (عمدة القاري ٧/ ٨٤).
(٣) روايته بترتيب القابسي (١٧١)، ومن طريقه النسائي في المجتبى (١٤٩٣)، وفي الكبرى ٢/ ٣٤٩ (١٨١٩).
(٤) روايته عند ابن خزيمة في صحيحه ٢/ ٣١٢ (١٣٧٧)، وأبي عوانة في مستخرجه ٢/ ١٠٢ (٢٤٥٨)، والطحاوي في شرح المشكل ٢/ ٣١٥ (٨٥١).
(٥) روايته عند البخاري (٢٩) و (٤٣١) و (١٠٥٢)، وأبي داود (١١٨٩)، وغيرهم.
(٦) ينظر التعليق على الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>