للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفضَّل (١) بن فَضالةَ، عن عيَّاش بن عبَّاسٍ القِتْبانيِّ، أنّه كتب إلى يحيى بن سعيدٍ يسألُه: هل يُتوضَّأُ ممّا مسَّتْه النارُ؟ فكتَب إليه: هذا ممّا يُختَلَفُ فيه، وقد بلَغنا عن أبي بكرٍ وعُمرَ أنّهما أكَلا ممَّا مسَّتِ النارُ، ثم صلَّيا ولم يتوَضَّآ (٢).

وأمّا عمرُ بن عبد العزيز، فإنّه كان عندَه في هذا الباب ما رواه معمرٌ وابنُ جُريج، عن الزُّهريِّ، عن عُمرَ بن عبد العزيز، عن إبراهيمَ بن عبد الله بن قارظٍ، قال: مرَرتُ بأبي هريرةَ وهو يتوضَّأُ، فقال: أتدري ممَّ أتوضَّأُ؟ أتوضَّأُ من أثوارِ أقِطٍ أكَلتُها؛ لأنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "توضَّئوا ممّا مسَّتِ النارُ" (٣). ولعلَّ عمرَ بن عبد العزيز لم يُرَوَّ في هذا الباب غيرَ هذا الحديث فذهَبَ إليه، ولعلَّه كان وُضوؤُه من ذلك ابتغاءَ الفضلِ، وهروبًا من الخلاف، مع شِدَّةِ احتياطِه في الدِّين.

قال أبو عُمر: لقُوَّةِ الاختلاف في هذه المسألة بالمدينةِ بين علمائها، أشبَعَ مالكٌ رحمهُ الله في "موطَّئه" هذا البابَ وشدَّه وقوَّاه، فذكَر فيه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من حديثِ ابن عباسٍ وسُويدِ بن النُّعمان (٤)، وهما إسنادان صحيحان (٥)، وذكَر فيه


(١) في ك ٢: "الفضل"، وهو تحريف (تاريخ الإسلام ٤/ ٩٨٢).
(٢) انفرد بهذا الإسناد والمتن المصنف، وما ذكره عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، أخرجه عنهما ابن المنذر في الأوسط ١/ ٢٢١ (١١٢) من رواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنّ أبا بكر وعمر أكلا خُبزًا ولحمًا وصلّيا ولم يتوضّيا.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١/ ١٧٢ (٦٦٧) عن معمر، وبرقم (٦٦٨) عن ابن جريج.
وأخرجه أحمد في المسند ١٣/ ٤٧ (٧٦٠٥) عن عبد الرزاق، عن معمر، به. وهو في صحيح مسلم (٣٥٢) من طريق ابن شهاب، به.
وقوله: "من أثوارِ أقِطٍ" الأثوار: جمع ثَوْر: وهو القطعة منه.
(٤) الموطأ برقم (٥٤) من حديث ابن عباس، وبرقم (٥٥) من حديث سويد بن النُّعمان.
(٥) والأمر كما ذكر، فالحديث أخرجه البخاري (٤١٩٥) من طريق مالك عن يحيى بن سعيد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>