للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّن قال بقول أحمدَ هذا في لَحم الإبلِ خاصّةً: إسحاقُ بن راهُويَة، وأبو ثورٍ، ويحيى بن يحيى النَّيسابُوريُّ، وأبو خَيثَمة، وهو قولُ محمد بن إسحاق (١).

وأما قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفةَ، والثوريِّ، والليث، والأوزاعيِّ، فكُلُّهم لا يَرَون في شيءٍ مَسَّتْه النارُ وُضُوءًا على مَن أكَلَه، سواءٌ عندَهم لحمُ الإبل في ذلك وغير الإبل؛ لأن في الأحاديث الثابتة أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أكلَ خُبزًا ولَحمًا وأكَل كَتِفًا - ونحوُ هذا كثير - ولم يَخُصَّ لحمَ جَزُورٍ من غيرِه، وصلَّى ولم يتَوضَّأْ، وهذا ناسخٌ رافعٌ عندَهم لمَا عارَضَه، على ما تقدَّمَ ذِكرُنا له، وبالله التوفيق (٢).

قال أبو عُمر: قد تأوَّلَ بعضُ الناسِ في هذا الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "توَضَّئُوا ممّا مسَّتِ النّارُ": أنّه أُريدَ به غَسلُ اليد، فلمّا سَمِع أبو هريرةَ قولَه هذا ورَاهُ - صلى الله عليه وسلم - يتَوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ، ظَنَّ أنّ ذلك أُرِيدَ به الوُضوءُ للصلاة.

قال أبو عُمر: هذا ليس بشيءٍ، وقد تقدَّمَ ردُّ هذا القول، ودَفعُ هذا التأويل، وقد اجْتَلَبْنا في هذا الباب ما تبيّنَ به جهلُ هذا المُتكلِّفِ في تأويلِه هذا، وبالله التوفيق.

حدَّثني أبو القاسم عبدُ الرحمن بن عبد الله بن خالدٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بن عبد الله بن صالح الأبْهريُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عُميرٍ، قال: حدَّثنا عمرٌو (٣)، قال: حدَّثنا عُقبةُ بن عَلقَمةَ، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: كان مَكحُولٌ


(١) ينظر الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٤٩.
(٢) قال المروزي في اختلاف الفقهاء ص ١٠٠: وهكذا قال الكوفيُّون، وكذلك قال مالكٌ والشافعيُّ. وقال ابن المنذر في الأوسط ١/ ٢٤٩: وممّن كان لا يرى ذلك واجبًا مالكٌ والثوري والشافعي وأصحاب الرأي.
(٣) هو: عمرو بن عثمان الحمصي، يروي عن عقبة بن علقمة بن حديج المعافري. (تهذيب الكمال ٢٠/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>