للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلّا أنْ تخافوا عليها. هذه روايةُ ابن القاسم عنه (١). وذكَر ابنُ عبد الحكم (٢) عنه: أنّ الصلاةَ على الجنائزِ جائزة في ساعاتِ الليلِ والنهار؛ عندَ طلوع الشمس، وعندَ غروبها.

ولا خلافَ عن مالكٍ وأصحابِه أنّ الصلاةَ على الجنائز ودَفْنَها نصفَ النهارِ جائزٌ. وقال الثوريُّ: لا يُصَلَّى على الجنائزِ إلّا في مواقيتِ الصلاة، وتُكْرَهُ الصلاةُ عليها نصفَ النهار، وحينَ تَغِيبُ الشمسُ، وبعدَ الفجرِ قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ (٣).

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: لا يُصَلَّى على الجنائزِ عندَ الطّلوع، ولا عندَ الغروب، ولا نصفَ النهار، ويُصلَّى عليها في غيرها من الأوقات (٤). وقال اللَّيثُ: لا يُصَلَّى على الجنازةِ في الساعةِ التي تُكْرَهُ فيها الصلاةُ. وقال الأوزاعيُّ: يُصَلَّى عليها ما دامَ في ميقاتِ العصر، فإذا ذهَب عنهم ميقاتُ العصرِ لم يُصلُّوا عليها حتى تَغْرُبَ الشمسُ (٥).

وقال الشافعيُّ (٦): يُصلَّى على الجنائزِ في كلِّ وقتٍ. والنَّهْيُ عندَه عن الصلاةِ في تلك الساعاتِ إنّما هو عن النوافلِ المُبتَدَءاتِ والتَّطوُّعِ، وأمّا عن صلاةِ فريضةٍ أو صلاةِ سُنَّةٍ فلا؛ لدلائلَ من الأثَرِ سأذْكُرُها في كتابي هذا إن شاء الله.


(١) في المدوَّنة ١/ ٢٦٤، ونقله عن مالك أيضًا ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٤٣٠.
(٢) عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن الليث القرشي.
(٣) وكذا نقل عنه ابن النذر في الأوسط ٥/ ٤٣٠ وقال: هذا قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. وقال النووي في المجموع شرح المهذب ٤/ ١٧٢: واحتُجَّ لأبي حنيفة وموافقيه بعموم الأحاديث الصحيحة في النهي. ونحو ذلك ذكر ابن قدامة في المغني ٢/ ٤١٣ إلا أنه قال: وحُكي عن أحمد أن ذلك جائز، والأول أصحّ. انتهى، يعني: الكراهة.
(٤) نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن في الأصل المعروف بالمبسوط ١/ ٤٢٩، وانظر المبسوط للسرخسي ٢/ ٦٨، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ٣١٦.
(٥) انظر الأوسط لابن المنذر ٥/ ٤٣٢.
(٦) في الأم ١/ ١٧٥، وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٤/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>