للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسَلَّمْتُ عليه، ثم قلتُ: ما أنتَ (١)؟ فقال: "أنا نبيٌّ". فقلتُ: وما النبيُّ؟ قال: "رسولُ الله". قلتُ: مَن أرسلَك؟ قال: "الله". قلتُ: فَبِمَ أرسَلَك؟ قال: "بأنْ تُوصَلَ الأرحامُ، وتُحْقَنَ الدِّماءُ، وتأمَن السُّبُلُ، وتُكَسَّرَ الأوثانُ، ويُعْبَدَ اللهُ وحدَه لا يُشْرَكُ به شيءٌ". قلتُ: نِعْمَ ما أرْسَلَك، فاشْهَدْ أنِّي قد آمَنْتُ بكَ، وصدَّقْتُ بك، أمْكُثُ معك، أم ماذا ترَى؟ قال: "قد ترَى كراهِيةَ الناس لِما جئتُ به، فامكُثْ في أهلِك، فإذا سمِعتَ بأنِّي خَرَجْتُ مَخْرَجي فائتِني". فلمّا سمِعتُ به خرَج إلى المدينةِ سِرْتُ حتى قدِمتُ عليه، قلتُ: يا نبيَّ الله، تَعرِفُني؟ قال: "نعم، أنتَ السُّلَميُّ الذي جئتَني، فقلْتَ لي كذا وكذا". فاغْتَنَمْتُ ذلك المجلسَ، وعرفتُ أنّه لا يكونُ لي أفرغَ قلبًا منه (٢) في ذلك المجلسِ، قلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ الساعاتِ أسَمَعُ؟ قال: "جَوْفُ اللَّيل الآخِرِ، والصلاةُ مشهودةٌ متقَبَّلةٌ حتى تخرُجَ الشَّمْسُ، فإذا رأيْتَها خرَجتْ حمراءَ فأقْصِرْ عنها؛ فإنّها تَخرُجُ بين قَرْنَيْ شيطانٍ، وتُصَلِّي لها الكفارُ، فإذا ارتفَعتْ قَدْرَ رُمْح أو رُمْحَين فصلِّ، فإنّ الصلاةَ مشهودةٌ متقبَّلةٌ حتى يَسْتَوِيَ الرُّمْحُ بالظِّلِّ، فإذا استوَى الرُّمْحُ بالظِّلِّ فأقْصِرْ عنها، فإنّه حينَ تُسْجَرُ أبوابُ جهنَّمَ، فإذا فاءَ الظِّلُّ (٣) فصلِّ، فإنّ الصلاةَ مَشهودةٌ مُتقبَّلةٌ حتى تَغرُبَ الشَّمْسُ، فإذا رأيتَها حَمْراءَ فأقْصِرْ عنها، فإنّها تغرُبُ بين قَرْنَي شيطانٍ، وتُصلِّي لها الكفارُ". ثم أخَذَ في الوُضوءِ، وقال: "إذا توضَّأتَ فغسَلتَ يَدَيْكَ خرَجتْ خطايا يَدَيْكَ من أطرافِ أنامِلكَ مع الماء، فإذا غسَلتَ وجْهَكَ ومَضْمَضْتَ واستَنْثَرْتَ خَرَجتْ خطايا وجهِكَ من فيكَ وخَياشِيمِكَ مع الماء، فإذا مَسَحْتَ برأسكَ وأُذنَيْكَ خرَجتْ خطايا رأسكَ وأُذنَيكَ من أطرافِ شَعَرِكَ مع الماء، فإذا


(١) في ق: "من أنت".
(٢) في ق: "لا يكون لي قلب أفرغ منه".
(٣) في ق: "الفيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>