للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البابُ في اختلافِ الصحابة، ورَدِّ بعضِهم على بعضٍ، وطلبِ كلِّ واحدٍ منهم الدليلَ والبُرهانَ على ما قاله من الكتابِ والسُّنَّة - إذا خالَفه صاحبُه - أكثَرُ من أنْ يُجْمَعَ في كتابٍ، فضلًا عن أنْ يُكتَبَ في بابٍ، والأمرُ فيه واضحٌ. وإذا كان هذا محَلَّ الصحابةِ رضي الله عنهم، وهم أولو العلم والدِّين والفضل، وخيرُ أمّةٍ أُخْرِجَتْ للناس، وخيرُ القرونِ، ومَن قد رضي اللهُ عنهم وأخبَر بأنّهم رَضُوا عنه، وأثنَى عليهم بأنّهم الرُّحماءُ بينَهم، الأشدَّاءُ على الكفّار، الرُّكَّعُ السُّجَّدُ، وأنّهم الذين أوتوا العلمَ. قال مجاهدٌ وغيرُه (١) في قول الله عزَّ وجلَّ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: ٦]. قال: أصحابُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. إلى كثيرٍ من ثَناءِ الله عزَّ وجلَّ عليهم، واخْتيارِه إيّاهم لصُحبَةِ نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كانوا، وهم بهذا المَحَلِّ من الدِّينِ والعلمِ، لا يكونُ أحدُهم على صاحبِه حُجَّةً، ولا يَسْتَغني عند خلافِ غيرِه له عن حجَّةٍ من كتابِ الله أو سُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، فمَن دونَهم أولَى وأحرَى أن يَحتاجَ إلى أن يَعْضُدَ قولَه بوجهٍ يُوجبُ التَّسْليمَ له.

حدَّثني أحمدُ بن فتحٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الحسنِ بن عُتْبَةَ الرَّازيُّ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن محمد (٢) بن عبد العزيز العُمَريُّ، قال: حدَّثنا الزُّبيرُ بن بكّارٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن داودَ بن أبي زَنبَرٍ، عن مالكِ بن أنسٍ، عن داودَ بن


(١) أخرجه المصنف في جامع بيان العلم ١/ ٧٧٠ (١٤٢٤) من طريق ليث عن مجاهد، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٠/ ٣٥٢ من طريق سعيد عن قتادة.
(٢) شطح قلم المؤلف فكتب "عمر" إذ جاء هكذا في جميع النسخ، وهو خطأ بيّن، وعبيد الله بن محمد بن عبد العزيز هذا هو القاضي أبو بكر العمري المدني أحد الكذابين (تاريخ دمشق ٣٨/ ١٠٢، وتاريخ الإسلام ٦/ ٩٨٠، وميزان الاعتدال ٣/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>