للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فقالت له: اكتُبْ: "حافِظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطَى صلاةِ العصر". هكذا ذ كره سُنيدٌ وغيرُه، عن هُشيم (١).

ففي هذا الحديث أنّها جَعَلَتْ صلاةَ العصر بدلًا من الصلاةِ الوسطَى، إذ لم تأتِ فيه بالواو، فلو صحَّ هذا كانت صلاةُ العصر هي الصلاةَ الوسطَى. واحْتَجَّ بعضُ من زعَم أنّ الصلاةَ الوسطَى صلاةُ العصرِ بحديثِ هُشيم هذا وما كان مثلَه، وقال: إنّ سقوطَ الواوِ وثُبُوتَها في مثل هذا من كلام العربِ سواءٌ. واحتجَّ بقولِ الشاعر (٢):

إلى الملكِ القَرْمَ (٣) وابنِ الهُمَامِ ... ولَيثِ الكَتيبةِ في المزدحَمْ

يريدُ: الملكَ القَرْمَ ابنَ الهُمَام ليثَ الكَتيبةِ (٤). والعربُ تقولُ: اشترِ ثوبًا


(١) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن، ص ٢٩٢ (ط. دار ابن كثير)، وابن أبي شيبة في المصنف (٨٦٨٨) عن هشيم، به. وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٥/ ٢٠٨، ٢٠٩، وابن أبي داود في المصاحف، ص ٢١١ من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، به. ووقع عندهما تسمية الرجل المبهم: عبد الله بن يزيد الأزدي، وزاد ابن أبي داود: وبعضهم يقول: الأودي. وهو عندهما بلفظ: "والصلاة الوسطى وصلاة العصر"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن سالم بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد الأزدي أو الأودي لا يُعرف بالرواية عن سالم، ولا فيمن روى عنهم جعفر بن إياس، والله أعلم.
(٢) هذا البيت في معاني القرآن للفراء ١/ ١٠٥ و ٢/ ٥٨ و ٢٨٦، وفي الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري ٢/ ٣٨٤، وشرح قطر الندى لابن هشام ص ٢٩٥، وفي خزانة الأدب للبغدادي ١/ ٤٥١ و ٥/ ١٠٧ و ٦/ ٩١ دون عزوٍ لقائل معيّن.
(٣) القَرْم في الأصل: هو الجَمل أو الفَحْل من الإبل الذي قد أُقرِم؛ أي: تُرك من الركوب والعمل وأُعدَّ للضِّراب، ثم أطلق على الرَّجل العظيم والسيد الشجاع. (مجمل اللغة لابن فارس ١/ ٧٤٩، والمخصص لابن سيده ٢/ ١٧٤).
(٤) يعني أنه عَطَف الصفات بعضَها على بعض والموصوف واحد. وفي تجويز هذا على الإطلاق خلاف بين أهل النحو كما هو مبسوط في كتبهم، وينظر: الفصول المفيدة في الواو المزيدة لصلاح الدين العلائي الدمشقي، ص ١٤٠ - ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>