للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأمِيطُوا عنه الأذَى" (١). فكيف يجوزُ أن يُؤمَرَ بإماطَةِ الأذَى عنه، وأن يُحمَلَ على رأسِه الأذَى؟ وقولُه -صلى الله عليه وسلم-: "أمِيطُوا عنه الأذَى" ناسخٌ لِما كان عليه أهلُ الجاهليةِ من تَخْضِيبِ رأسِ الصبيِّ بدَم العَقيقةِ (٢).

رُوي عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنّها قالت: كان أهلُ الجاهليةِ إذا حلَقوا رأسَ الصبيِّ وضَعوا دمَ العَقيقةِ على رأسِه بقُطنةٍ مَغْموسة في الدَّم، فأمَرهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجعلوا مكانَ الدَّم خَلُوقًا (٣).

ورُوي عن بُرَيدةَ الأسلَميُّ نحوُ ما رُوي عن عائشةَ في ذلك، حدَّثناه عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٤):


(١) سلف تخريجه.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في الفتح ٩/ ٥٩٤ في سياق حديثه على رواية "يُطلى رأسه بالدم": (وقد ورد ما يدلُّ على النسخ في عدة أحاديث، منها ما أخرجه ابن حبان في صحيحه (٥٣٠٨) عن عائشة، قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقّوا عن الصبيِّ خضَّبوا قُطنةً بدم العقيقة فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه، فقال النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا مكانَ الدَّم خَلُوقًا" زاد أبو الشيخ: ونهى أن يُمَسَّ رأس المولود بدم. وأخرج ابن ماجه (٣١٦٦) من رواية أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله المزني أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُعقُّ عن الغلام، ولا يُمسّ رأسه بدم". وهذا مرسلٌ، فإن يزيد لا صحبة له ... وقال: ولهذا كره الجمهور التَّدمية، ونقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء، ولم ينقل ابن المنذر استحبابها إلّا عن الحسن وقتادة، بل عند ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن استحباب التدمية).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٣٣٠ (٧٩٦٣)، والبزار في مسنده ١٨/ ٢٦٦ (٣١٩)، وأبو يعلى في مسنده ٨/ ١٧ (٤٥٢١). وابن حبّان في صحيحه ١٢/ ١٢٤ (٥٣٠٨)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٣٠٣ (١٩٧٦٧) من طرق عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد بن عمرة عن عائشة رضي الله عنها. وإسناده صحيح، وقد صرّح فيه ابن جريج عند بعضهم بالتحديث فانتفت شُبهة تدليسه.
(٤) في السنن برقم (٢٨٤٣). وهو عند البيهقي في الكبرى ٩/ ٣٠٢، ٣٠٣ من طريق محمد بن بكر عن أبي داود، به. وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل ٣/ ٦٤ بإثر الحديث (١٠٣٧)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٢٣٨ من طريق الحسين بن واقد، به. وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>