للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّغْلِيسَ بصلاةِ الصُّبْحِ أفْضَلُ. وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ، وداودَ بنِ عليٍّ، وأبي جعفرٍ الطَّبَرِيِّ (١).

والحُجَّةُ لهم في ذلك أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُصَلَّي الصُّبْحَ، فيَنْصَرفُ النَّسَاءُ مُتَلَفِّفاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ما يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ (٢). وأنَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يَزَلْ يُغَلِّسُ بالصبْحِ إلى أن تُوُفِّيَ صَلَواتُ الله عليه.

حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ أحمدَ، قال: حدَّثنا الخضِرُ بنُ داودَ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ الأثْرَمُ، قال: قلتُ لأحمدَ بنِ حنبلٍ: ما معنَى قولِه: "أسْفِرُوا بالفجرِ؟ " فقال: إذا بان الفجرُ فقد أسْفَرَ. قلتُ: كان أبو نعيم يقولُ في حديثِ رافِع بنِ خَدِيج: "أسَفِرُوا بِالفجرِ، فكلَّمَا أسْفَرْتُمْ بها فهو أعْظَمُ للأجْرِ". فقال: نعم، كلُّه سَواءٌ، إنَّما هو إذا تَبَيَّنَ الفَجْرُ فقد أسْفَرَ. قال أبو بكرٍ: يقالُ في المرأةِ إذا كانت مُتَنقِّبةً فكشَفَتْ عن وَجْهِها: قد أسْفَرَتْ عن وَجْهِها، فإنَّما هو أن يَنْكشِفَ الفجرُ، وهكذا بلَغني عن أبي عبدِ الله. يَعْنِي: أحمدَ بنَ حنبل رَحِمَه اللهُ.

قال أبو عُمر: صَحَّ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمانَ، أنَّهم كانُو ا يُغلِّسون (٣)، ومحالٌ أن يَتْرُكوا الأفْضَلَ ويأْتُوا الدُّونَ، وهم النِّهايَةُ في إتْيَانِ


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٧٠، والمغني لابن قدامة ١/ ٢٨٦.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٥، ٣٦ (٤) عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها. وأخرجه البخاري (٨٦٧)، ومسلم (٦٤٥) من طريق مالك، به. وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه ٢٣/ ٣٨٥.
(٣) وذلك فيما أخرجه ابن ماجه (٦١)، وأبو يعلى في مسنده ١٠/ ١١٩ (٥٧٤٧)، وابن المنذر في الأوسط ٣/ ٧٧ (١٠٦٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٧٦ (١٠٥٣)، وابن حبان في صحيحه ٤/ ٣٦٣ (١٤٩٦)، وأبو نعيم في الحلية ٦/ ٧٠، والبيهقي في الكبرى ١/ ٤٥٦ (٢٢٣٢) من طرق عن الأوزاعي قال: حدثنا نَهيك بن يَريم الأوزاعي، قال: حدّثنا مغيث بن سُمَيّ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>