للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الباب عندَهم قولُه: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩]. و {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: ٩٠]. و {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١]. {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤]. قالوا: وجائزٌ أن تكون للجلودِ إرادةٌ لا تُشبِهُ إرادتَنا، كما للجماداتِ تسبيحٌ وليس كتسبيحِنا، وللجبالِ والشجرِ سجودٌ وليس كسجودِنا. والاحتجاجُ لكلا القولين يطولُ، وليس هذا موضعَ ذكرِه، وحملُ كلام الله تعالى وكلام نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- على الحقيقةِ أوْلى بذوي الدينِ والحقِّ؛ لأنه يقُصُّ الحقَّ، وقولُه الحقُّ (١)، تبارك وتعالى عُلوًّا كبيرًا.

حدّثنا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ وَضّاحٍ، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قال (٢): حدَّثنا عبدُ الله بنُ إدريسَ، عن الأعمشِ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "اشتكَتِ النارُ إلى ربِّها، فقالت: رَبِّ، أكَل بعضي بعضًا، فجعل لها نَفَسينِ: نفَسًا في الشتاءِ، ونفَسًا في الصيفِ، فشِدَّةُ ما تجِدونَ من البَرْدِ من زَمْهَريرِها، وشِدَّةُ ما تجِدونَ في الصَّيفِ من الحرِّ من سَمُومها".

وأمَّا قولُه: "فيحِ جهنَّمَ"، فالفيحُ: سطوعُ الحرِّ، هكذا قال صاحبُ العينِ. فكأنَّ المعنى واللهُ أعلمُ: شدَّةُ الحرِّ المُؤذِي من حرِّ جهنَّم ولهيبِها أجارنا اللهُ برحمتِه وعفوِه منها.


(١) سقطت هذه اللفظة من د ١.
(٢) في المصنف (٢٥٢٧٤). وأخرجه ابن ماجة (٤٣١٩) من طريق ابن أبي شيبة، به. وهو عند الترمذي (٢٥٩٢)، وابن أبي الدُّنيا في صفة النار (١٥٤) من طريق الأعمش، به. وهو حديث صحيح روي من وجوه أخرى عديدة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، فقد أخرجه البخاري (٣٦٢٠)، ومسلم (٦١٧) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>