للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك (١) التفاضلُ لا يجوزُ في الجنسِ الواحدِ من المأكولات المُدَّخرات، وهذا ومثله أصل في الربا.

وقد ذكرنا أصول الفقهاء في ذلك فيما تقدّم من كتابنا هذا، فأغنى عن الإعادة هاهنا.

فالجنسُ الواحِدُ مِن المأكولاتِ يدخُلُه الرِّبا مِن وجهينِ؛ لا يجوزُ بعضُه ببعضٍ مُتفاضِلًا، ولا بعضُه ببعضٍ نَسيئَةً، هذا إذا كان مَأكُولًا مُدَّخَرًا عندَ مالكٍ وأصحابِه، وعندَ الشافعيِّ، سَواءٌ كان المأكولُ مُدَّخَرًا أو لا يُدَّخَرُ مثلُه؛ القولُ فيه ما ذكَرنا. فأمَّا النَّسيئةُ في بعضِ ذلك ببعضٍ، فمُجتمَعٌ على تحريمِه. وسيأتِي ذكرُ أُصولِ الفقهاءِ فيما يدخُلُه الرِّبا مُجوَّدًا في بابِ ابنِ شهابٍ، عن مالكِ بنِ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ إن شاءَ اللهُ.

وفيه أنَّ من لم يعلَمْ بتحريم الشيءِ، فلا حَرَجَ عليه حتّى يعلَمَ، إذا كان الشيءُ ممَّا يُعذَرُ الإنسانُ بجهلِه مِن علم الخاصَّةِ؛ قال عزَّ وجلَّ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]. والبيعُ إذا وقَعَ مُحرَّمًا، أو على ما لا يجوزُ فمفسوخٌ مردودٌ وإن جَهِلَه فاعلُه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن عَمِلَ عملًا على غيرِ أمرِنا، فهو رَدٌّ" (٢)؛ أي: مردودٌ، فإن أُدرِكَ المَبِيعُ بعَينِه رُدَّ، وإن فاتَ رُدَّ مثْلُه في المَكيلِ والموزونِ، ويُفسَخُ البيعُ بينَ المُتبايعين فيه، وإن لم يكنْ مَكيلًا ولا موزونًا فالقيمةُ فيه عندَ مالكٍ أعدَلُ، وعندَ الشافعيِّ وأبي حنيفةَ المِثْلُ أيضًا في كلِّ شيءٍ، إلَّا أن يُعدَمَ فيُنصَرَفَ فيه إلى القيمةِ (٣).


(١) من هنا إلى نهاية الفقرة لم يرد في ق، د ١، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٢) سلف تخريجه في أثناء شرح أوّل أحاديث جعفر بن محمد عن أبيه جابر بن عبد الله.
(٣) ينظر: المجموع شرح المهذّب للنووي ١٠/ ٧٢، والعدّة شرح العمدة لعبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي ١/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>