للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: الأحاديثُ في هذا البابِ صِحاح مُتَواتِرَةٌ، تَلَقَّاها العلماءُ بالقَبُولِ، لكنَّهم (١) اخْتَلَفوا في مَعْناها:

فذهَب مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُهما (٢)، إلى القولِ بظاهِرِها وعُمُومِها، ونَهَوا عن الخَلِيطَيْن جُمْلَةً واحدةً.

قال مالكٌ (٣) لمَّا ذَكر حديثَ النهي عن أنْ يُنْبَذَ البُسْرُ والرُّطَبُ جميعًا، والزَّهْوُ والرُّطَبُ جميعًا، قال: وعلى هذا أدْرَكْتُ أهلَ العلم ببَلدِنا.

وقال الشافعيُّ (٤): نَهَى رسولُ الله -صلي الله عليه وسلم- عن الخَلِيطَيْنِ، فلا يَجُوزانِ على حالٍ. ولا يُجْمَعُ عندَ مالكٍ والشافعيِّ بينَ شَرابَيْن، سواءٌ نُبِذ كُلُّ واحِدٍ منهما على حِدَةٍ، أو جُمِع شَيْئانِ فنُبِذَا جميعًا (٥).

وقال أبو حنيفةَ: لا بَأْسَ بشربِ الخَلِيطَيْن من الأشْرِبَةِ، البُسْرِ والتمرِ، والزبيبِ والتمرِ، وكلُّ ما لو طُبخ أو نُبِذ على الانفِرادِ حَلَّ، فكذلك إذا طُبخ أو نُبِذ مع غيره. ورُوِيَ عن ابنِ عمرَ وإبراهيمَ مثلُ ذلك فيما قال أبو جعفرٍ الطَّحَاوِيُّ (٦). وهو قولُ أبي يُوسُفَ الآخَرُ، قال (٧): وقال محمدُ بنُ الحَسَنِ: أكْرَهُ المُعَتَّق من


= أخرجه ابن حزم في المحلّى ٧/ ٥١٣. وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فَرْوة متروك، قد نهى أحمد بن حنبل عن حديثه كما في تهذيب الكمال ٢/ ٤٥٠ وغيره. ولكن معنى الحديث صحيح، ويغني عنه ما سلف وسيأتي بأسانيد صحيحة.
(١) في د ١: "لكن".
(٢) "وأصحابهما" لم ترد في ق.
(٣) في الموطأ ٢/ ٤١٢ (٢٤٥٠)، وتمامُ كلامه فيه: أنّه يُكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه.
وينظر: المدوَّنة ٤/ ٥٢٣.
(٤) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٧٠، وينظر: الأُمّ للشافعيّ ٦/ ١٩٣.
(٥) ينظر: المدوَّنة ٤/ ٥٢٣، والأُم للشافعي ٦/ ١٩٤.
(٦) في مختصر اختلاف العلماء له ٤/ ٣٦٩ - ٣٧٠.
(٧) يعني: أبا جعفر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>