للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أنس، قال: كانت اليهودُ إذا حاضَتِ المرأةُ منهم لم يُؤاكِلُوهنَّ ولم يُشارِبوهنَّ ولم يُجامِعوهُنَّ في البُيوتِ، فأمَرهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُؤاكِلُوهنَّ ويُشارِبوهنَّ ويجامِعُوهنَّ في البيوتِ، وأنْ يَصنَعوا بِهنَّ كُلَّ شيءٍ ما خلا النكاحَ. فقالتِ اليهودُ: ما يَدَعُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا مِن أمْرِنا إلَّا خالَفَنا فيه. فقام أُسيدُ بنُ حُضيرٍ وعبَّادُ بنُ بشْرٍ فأخبرَا رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم-، وقالا: نُجامعُهُنَّ في المحيضِ؟ فتمعَّرَ (١) وجْهُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- تَمَعُّرًا شديدًا، حتى ظنَنَّا أنَّه قد غضِب عليهما، فقامَا فاستقبَلَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- هَدِيةَ لَبنٍ (٢)، فبعَث في آثارِهما فردَّهما فسَقاهما، فعَرَفنا أنَّه لم يَغضَبْ عليهما.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبَغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حمَّادٍ، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ (٣)، قال: حدَّثنا حفصُ بنُ غِياثٍ، عن الشَّيباني (٤)، عن عبد الله بنِ شدَّادٍ، عن خالتِه ميمونةَ بنْتِ الحارثِ: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا أرادَ أنْ يُباشِرَ امرأةً مِن نِسائِه وهي حائضٌ أمَرَها أنْ تَتَّزِرَ، ثم يُباشرُها وهي حائضٌ (٥).

قال أبو عُمر: هذا الحديثُ إذا رُتِّب مع الذي قبلَه دلَّا على أنَّ شَدَّ الإزارِ على الحائضِ معناه لِقَطْعِ الذَّرِيعةِ والاحتياطِ، واللهُ أعلمُ. وقد أوضَحْنا هذا المعنَى في بابِ ربيعةَ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.


(١) أي: فتغيَّر، والأصل فيه قِلّة النَّضارة وعدم إشراق اللَّون، ومنه: المكان الأمعر: وهو الجَدْب الذي ليس فيه خِصبٌ. قاله العيني في شرحه على سنن أبي داود ٢/ ١٨. وينظر: اللسان مادة (معر).
(٢) في ج: "هدية من لبن".
(٣) هو مسدَّد بن مسرهد، أبو الحسن الأسدي، الحافظ الحُجّة.
(٤) هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشَّيبانيّ.
(٥) أخرجه أبو داود (٢١٦٧) عن محمد بن العلاء ومسدَّد، به، وأخرجه عبد بن حميد في المنتخب ٢/ ٣٩٤ (١٥٤٩).
وهو عند أحمد في المسند ٤٤/ ٤٢٢ (٢٦٨٥٥)، والبخاري (٣٠٣)، ومسلم (٢٩٤) من طريق سليمان الشيباني، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>