للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: فلهذه الفَضيلَةِ ذهَب بعضُ أهلِ العلم إلى كراهيةِ الرُّقَى والمداواةِ (١) والاكتواءِ. والآثارُ بهذا كثيرةٌ ثابتةٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وممَّن ذهَب إلى هذا داودُ بنُ عليٍّ وجماعةٌ مِن أهلِ الفقهِ والأثرِ (٢). ومن حُجَّتِهم أيضًا قولُ ابنِ مسعودٍ، ذكَره إسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي، قال: حدَّثنا حجَّاجُ بنُ مِنهالٍ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سلمةَ، قال: أخبَرنا عاصمُ بنُ بَهدَلةَ، عن أبي وائلٍ الأسديِّ، عن ابنِ مسعودٍ أنَّه قال: "إنَّ المرأةَ إذا حمَلتْ تصعَّدَت النُّطفةُ تحتَ كلِّ شَعَرةٍ وبشرةٍ أربعينَ يومًا، ثم تستقِرُّ في الرحم عَلَقةً أربعينَ يومًا، ثم مُضغةً أربعينَ يومًا، ثم يبعَثُ اللهُ إليه المَلكَ، فيقولُ: أيْ ربِّ، ذَكَرٌ أم أُنثَى؟ فيأمُرُ اللهُ عزَّ وجلَّ بما شاء، ويكتُبُ الملَكُ، ثم يقولُ الملَكُ: أيْ ربِّ، شقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيأمُرُ اللهُ عزَّ وجلَّ بما شاء، ويكتُبُ الملَكُ، ثم يكتبُ رزقَه، وأثرَه، وأجَلَه، وعملَه، وأين يموتُ، وأنتم تُعلِّقون التمائمَ على أبنائِكم من العينِ!

وقد رُوِي نحوُ هذا المعنى مرفوعًا عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من وجوهٍ ثابتةٍ كثيرةٍ (٣)، من حديثِ ابنِ مسعودٍ وغيرِه (٤).

وذكَر أيضًا مَن ذهَب إلى هذا المذهبِ ما أخبَرناه عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يوسفَ، قال: أخبَرنا أبو اليسرِ بِشرُ بنُ عبدِ الله البغداديُّ، قال: أخبَرنا أبو محمدٍ عبيدُ الله بنُ الحسينِ بنِ عبدِ الرحمنِ القاضي الأنطاكيُّ، قال: حدَّثنا حَبَشِيُّ بنُ عمرِو بنِ الربيعِ بنِ طارقٍ، واسمُه طاهرٌ -يَعني اسمَ حَبَشِيٍّ- قال: حدَّثني أبي، قال: أخبَرنا السِّريُّ بنُ يحيى من أهلِ البصرةِ، عن أبي شُجاع، عن أبي ظَبْيَةَ، أنَّ عثمانَ بنَ عفانَ دخَل على


(١) هذه اللفظة لم ترد في م، وهي في بعض النسخ دون بعض.
(٢) ينظر: المقدّمات الممهدات لأبي الوليد بن رشد ٣/ ٦، والمجموع شرح المهذّب للنووي ٩/ ٦٣.
(٣) قوله: "ثابتة كثيرة" لم يرد في د ١.
(٤) منها حديثه عند أحمد في المسند ٦/ ١٢٥ (٣٦٢٤)، والبخاري (٣٢٠٨)، ومسلم (٦٤٣) من حديث زيد بن وهب عنه مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>