للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتَرْمِ بيَ المنايا حيثُ شاءَتْ ... إذا لم تَرْمِ بي في الحُفْرَتَيْنِ

إذا ما أوْقَدوا حَطَبًا ونارًا ... فذاك الموتُ نَقْدًا غيرَ دَيْنِ

وروَى حامِدُ بنُ يحيي، عن سُفْيانَ، عن مِسْعَرٍ، عن عطاءِ بنِ أبي مَرْوانَ: أنَّ هذا الشِّعْرَ للنَّجَاشِيِّ (١)، قاله إذ لَحِق بمعاويةَ فارًّا في حينِ ضَرْبِ عليٍّ له في الخمرِ مئةَ جَلْدَةٍ.

قال أبو عُمر: قد رُوِّينا مِن وُجُوهٍ أنَّ عليًّا إنَّما أحْرَقَهم بعدَ قَتْلِهم؛ ذكَرَ العُقيليُّ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ إسماعيلَ، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. وذكَرَه أبو زيدٍ عمرُ بنُ شَبَّةَ قال: حدَّثَني محمدُ بنُ حاتِم، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بنُ سَوَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا خارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، عن سلَّام بنِ أبي القاسِم، عن عثمانَ بنِ أبي عثمانَ الأنصاريِّ، قال: جاء ناسٌ مِن الشِّيعَةِ إلى عليٍّ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنين، أنت هو. قال: مَن أنا؟ قالوا: أنت هو. قال: وَيْلَكم، مَن أنا؟ قالوا: أنت رَبُّنا. قال: وَيْلَكم، ارْجِعوا فتُوبُوا. فأبَوْا، فضَرَب أعْناقَهم، ثم قال: يا قَنْبَرُ، ائْتِني بحُزَم الحَطَبِ. فحفَرَ لهم في الأرضِ أُخْدُودًا، فأحْرَقَهم بالنارِ، ثم قال:

لما رأيت الأمر أمرا منكرًا .... أججت ناري ودعوت قنبرا (٢)


(١) هو النَّجاشيُّ الحارثيُّ: واسمه قيس بن عمرو بن مالك، من بني الحارث بن كعب، شاعر هجّاء مخضرم، اشتهر في الجاهلية والإسلام، وأصله من نجران، وانتقل إلى الحجاز، ثم استقرَّ في الكوفة، وهدَّده عمر رضي الله عنه بقطع لسانه، وضربه عليٌّ على السُّكر في رمضان، قال عنه ابن قتيبة: "وكان فاسقًا رقيق الإسلام". (ينظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٣١٧، ومعجم شعراء العرب، ص ٨٦١، والأعلام للزركلي ٥/ ٢٠٧). وشعره هذا وقع في آخر سياق حديث أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (١٤٧) من طريق عليّ بن هاشم عن معروف بن خرَّبوذ عن أبي الطُّفيل واثلة بن الأسقع في قصة تحريق عليٍّ رضي الله عنه تحريق قوم من الزَّنادقة، وفي آخره: فأنشأ النجاشيُّ الحارثي يقول؛ فذكر البيتين.
(٢) أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (٦٧) و (١٥٠٨)، والآجرِّي في الشريعة ٥/ ٢٥٢٠ - ٢٥٢١، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢/ ٤٧٥ - ٤٧٦ من طرق عن شبابة بن سوّار، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>