للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلًا في القذفِ قائمًا (١). وما جاء عن عمرَ وعليٍّ في ضربِ الأعضاءِ يدُلُّ على القيام، واللّهُ أعلمُ.

وكلُّ ما ذكَرناه مِن المسائلِ في هذا البابِ فإنَّها كلَّها قائمةُ المعنى في هذا الحديثِ؛ حديثِ زيدِ بن أسلمَ هذا، يصلُحُ ذكرُها عندَه.

وفيه أيضًا ما يدُلُّ على أنَّ السِّترَ واجبٌ على المسلم في خاصَّةِ نفسِه إذا أتَى فاحشةً، وواجبٌ ذلك عليه أيضًا في غيرِه، ما لَمْ يكنْ سلطانًا يُقِيمُ الحُدودَ. وفي السِّترِ على المسلم آثارٌ كثيرةٌ صِحاحٌ، نذكُرُ منها هاهنا ما يُوافِقُ معنى هذا الحديثِ، وسائرُها نذكُرُها عندَ قولِه في حديثِ يحيى بنِ سعيدٍ: "يا هَزَّالُ، لو سَتَرْتَه بردائِكَ كان خيرًا لك" (٢)، إن شاء اللّهُ.

حدَّثني سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ وضّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قال (٣): حَدَّثَنَا أبو معاويةَ (٤)، عن


(١) أخرجه أبو بكر محمد بن خلف البغدادي الملقّب بوكيع في أخبار القضاة ١/ ١١١، والدولابيُّ في الكنى والأسماء ٣/ ١٠٨٦، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٥١ (١٧٥٩٥) من طرقٍ عن شعبة عن أبي ميمونة -وهو الفارسي المدني الأبار- قال: قدمتُ المدينة فنزلتُ عن راحلتي فعقلتها ودخلت المسجد، فجاء رجلٌ فحل عقالها، فقلت له: يا فاعلٌ بأُمِّه، فقدَّمني إلى أبي هريرة فضربني ثمانين سوطًا، فأنشأت أقول:
ألا لو تَروْني يومَ أُضربُ قائمًا ... ثمانينَ سَوطًا إنَّني لَصبورُ
(٢) أخرجه مالك في الموطّأ ٢/ ٣٨١ (٢٣٧٦) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب بلاغًا، وهو الحديث الرابع من أحاديث يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيِّب، سيأتي مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٣) في المصنَّف (٢٧٠٩٩)، وأخرجه أحمد في المسند (٧٤٢٧) عن أبي معاوية، به. وأخرجه مسلم (٢٦٩٩)، وأبو داود (٤٩٤٦)، وابن ماجة (٢٢٥) من طرقٍ عن أبي معاوية، به.
وهو عند الترمذي (١٤٢٥) و (١٩٣٠) و (٢٩٤٥)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٤٦٦ (٧٢٤٨) و (٧٢٤٩) من طرقٍ عن الأعمش، به. وسيأتي عند المصنِّف بهذا الإسناد ومن طريق أخرى عن الأعمش في سياق شرحه للحديث الرابع من أحاديث يحيى بن سعيد عن ابن المسيّب. وهو حديث أعله الجهابذة كما سيأتي مفصلًا في ١٥/ ٥٠.
(٤) هو: محمد بن خازم الضَّرير، وشيخه الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السَّمّان.

<<  <  ج: ص:  >  >>