للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن زيدِ بنِ أبي أُنَيسةَ، عن عبدِ الحميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ زيدِ بنِ الخطابِ، أنّه أخبَره عن مُسلم بنِ يسارٍ الجُهَنيِّ، أنَّ عمرَ بن الخطابِ سُئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (٢) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الآية [الأعراف: ١٧٢]. فقال عمرُ بنُ الخطابِ: سمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يُسألُ عنها فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى خلَق آدمَ، ثم مسَح ظهرَه بيمينِه، فاستخرَج منه ذُرِّيَّةً، فقال: خلَقتُ هؤلاء للجنةِ، وبعملِ أهلِ الجنةِ يعمَلُون. ثم مسَح ظهرَه، فاستخرَج منه ذُرِّيَّةً، فقال: خلَقتُ هؤلاء للنارِ، وبعملِ أهلِ النارِ يعمَلُون". فقال رجلٌ: يا رسولَ الله، ففيمَ العملُ؟ قال: فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى إذا خَلَقَ العبدَ للجنَّةِ استعمَله بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنةِ، فيُدخلَه به الجنّة، وإذا خلَق العبدَ للنارِ استعْمَله بعملِ أهلِ النارِ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النَّار، فيُدخلَه به النارَ".

قال أبو عمر: هذا حديثٌ مُنقطعٌ بهذا الإسنادِ؛ لأنَّ مسلمَ بنَ يسارٍ هذا لم يلقَ عمرَ بنَ الخطاب، وبينَهما في هذا الحديثِ نُعيمُ بنُ ربيعةَ، وهو أيضًا مع هذا الإسنادِ لا تقومُ به حجَّةٌ، ومسلمُ بنُ يسارٍ هذا مجهولٌ، قيل: إنّه مدنيٌّ وليس بمسلم بنِ يسارٍ البصريِّ (٣).


(١) الموطأ ٢/ ٤٧٨ (٢٦١٧).
(٢) كذا قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب الحضرميّ (ذُرِّياتِهم) على الجمع، وقرأ الباقون {ذُرِّيَّتَهُمْ} واحدة. (معاني القراءات للأزهري ١/ ٤٢٩).
(٣) وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٥٤: الظاهر أنّ الإمامَ مالكًا إنّما أسقَطَ ذِكرَ نعيم بن ربيعة عمدًا، لَمّا جهل حالَ نعيم بن ربيعة ولم يَعرفْهُ، فإنّه غيرُ معروفٍ إلّا في هذا الحديث؛ ولذلك يُسقط ذِكر جماعةٍ مِمّن لا يرتضيهم، ولهذا يُرسل كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من الموصولات، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>