للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عمر: قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩]. وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: ٢٩]، فليس لأحدٍ مشيئةٌ تنفُذُ، إلّا أن تتقدَّمَها مشيئةُ الله تعالى، وإنَّما يجري الخلقُ فيما قد سبَق من علم الله، والقدَرُ سرُّ الله، لا يُدرَكُ بجدالٍ، ولا يَشفِي منه مقال، والحِجاجُ فيه مُرْتَجة (١)، لا يُفتَحُ شيءٌ منها إلّا بكسرِ شيءٍ وغَلَقِه (٢). وقد تظاهَرت الآثارُ، وتواتَرتِ الأخبار، فيه عن السَّلفِ الأخيارِ، الطَّيِّبين الأبرار، وبالاستسلام والانقيادِ والإقرار، بأنَّ علمَ الله سابقٌ، ولا يكونُ في ملكِه إلّا ما يريد، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦].

حدَّثنا إبراهيمُ بنُ شاكر، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عثمان، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمانَ وسعيدُ بنُ خمير، قالا: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ صالح، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ زُرعةَ الرُّعَيْنيُّ، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلِم، عن الأوزاعيِّ، قال: من الله تعالى التَّنزيلُ، وعلى رسولِه التَّبليغُ، وعلينا التَّسليم (٣)، وبالله التوفيق.


(١) أي: مغلقةٌ، والمِرْتاج: المَغْلاق. قال الزمخشري: ومن المجاز: صعد المنبر فأُرْتِجَ عليه: إذا استغلق عليه الكلام. والمراد: لا سبيلَ إليه. (ينظر: أساس البلاغة ١/ ٣٣٥، وتاج العروس مادة "رتج").
(٢) والغَلَق: ما يُغلق به الباب، ويُفتح بالمفتاح (أساس البلاغة ١/ ٧٠٨).
(٣) أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٥٢٠) من طرق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي به، وابن أبي عاصم في الأدب، وابن أبي الدُّنيا من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، به كما في فتح الباري لابن حجر ١٣/ ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>