للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُه في حديثِ جابر: "أفضلُ الدُّعاء الحمدُ لله" فإنَّ الذِّكرَ كلَّه دُعَاءٌ عندَ العلماء، وممَّا يُبيِّنُ ذلك ما حدَّثنا به عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يُوسفَ وأحمدُ بنُ عمرَ بنِ عبدِ الله، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ علي، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ فُطيس، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ إسماعيلَ بنِ زُريقٍ (١) أبو زيدٍ المَوْصلي، قال: حدَّثنا الحسينُ بنُ الحسنِ المَروَزِيُّ، قال: سألتُ ابنَ عيينةَ يومًا: ما كان أكثرَ قولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفةَ؟ قال: "لا إلهَ إلَّا الله، وسُبحَانَ الله، والحمدُ لله، واللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ"، ثمّ قال سفيانُ: إنَّما هو ذِكْرٌ، وليسَ فيه دعاءٌ، ثم قال: أمَا عَلمْتَ قولَ الله عزَّ وجلَّ حيثُ يقولُ: "إذا شغَل عَبدي ثَناؤُه عليَّ عَن مسألتي، أعطَيْتُه أفضلَ ما أُعطِي السَّائلِينَ"؟ قال: قلتُ: نعم، حدَّثتَني أنتَ يا أبا محمّدٍ، عن منصُور، عن مالكِ بنِ الحارث، وحدَّثني (٢) عبدُ الرحمنِ بنُ مهْديٍّ، عن سُفيانَ الثوريِّ، عن منصُور، عن مالكِ بنِ الحارثِ، قال: هذا تفسيرُه. ثم قال: أما علِمتَ قولَ أُميَّةَ بنِ أبي الصَّلتِ حينَ أتَى ابنَ جُدْعانَ يطْلُبُ نائِلَه وفضْلَه؟ قلتُ: لا، قال: قال أُميَّةُ حينَ أتَى ابنَ جُدْعان (٣):

أأطْلُبُ حاجَتي أمْ قد كَفاني ... حَياؤُكَ إنَّ شيمَتكَ الحياءُ

إذا أثْنَى عليكَ المرْءُ يومًا ... كَفَاه مِن تَعَرُّضِك الثَّناءُ (٤)


(١) في د ١: "رزين"، وهو تحريف، والمثبت من ق و ج.
(٢) من هنا إلى قوله: "مالك بن الحارث" سقط من ق، د ١.
(٣) هو عبد الله بن جَدْعان التَّميميّ القرشيّ، أحد الأجواد المشهورين في الجاهلية، أدرك النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قبل النُّبوَّة، كانت له جفنة يأكل منها الطعامَ القائمُ والراكب، والبيتان المذكوران قالهما أُميّة بن أبي الصَّلت في سياق قصيدة يمدحه فيها حينما قدِمَ عليه في حاجةٍ، وقد قضاها له (ينظر: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٨/ ٣٤٠ - ٣٤١).
(٤) البيت في م مقلوب من سوء الطباعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>