للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليهم: أنِ أجلِسُوا. ولم يقُلْ ذلك في هذا الحديثِ عن مالكٍ أحدٌ غيرُ الشافعيِّ في روايةِ قَحزَم عنه خاصةً، وإنّما قال مالكٌ: فأشار إليهم: أن اجلِسُوا في حديثه عن هشام بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشة (١). قال الدَّارَقطنيُّ: ليسَ يُحفَظُ في هذا الحديثِ أنّه صلَّى في بيته، إلّا من روايةِ أبي حنيفةَ قَحزَم، عن الشافعيِّ، عن مالكٍ، عن الزُّهريِّ، عن أنسٍ. وهو محفوظٌ مِن روايةِ أيوبَ، عن الزُّهريِّ، عن أنسٍ: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صُرِع عن فَرَسه، فجُحِش جَنبُه، فدخَلوا عليه يعُودُونه، فصلَّى بهم قاعدًا، وأومأ إليهم أنِ اقعُدوا، فلمَّا قضَى صلاتَه، قال: "إنّما جُعِل الإمامُ ليُؤْتمَّ به"، وذكر الحديث (٢).

قال أبو عمر: وأما حديثُ قَحزَم، عن الشافعيِّ فأخبرناه عليُّ بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ رَشِيقٍ، قال: حدَّثنا أبو الحسنِ فقيرُ بنُ موسى بنِ عيسى الأُسْوانيُّ، قال: حدَّثنا أبو حنيفةَ قحزَمُ بنُ عبدِ الله بنِ قَحزَم الأُسوانيُّ، قال: حدَّثنا أبو عبدِ الله محمدُ بنُ إدريسَ الشافعيُّ، قال: حدَّثنا مالكُ بنُ أنس،


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٩٦ - ١٩٧ (٣٥٩)، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٨٨) و (١١١٣) و (١٢٣٦)، وهو الحديث الثامن من أحاديث هشام بن عروة عن مالك، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى ٧/ ٦٢ (٧٤٧٣)، والبزار في مسنده ١٢/ ٣٥٧ (٦٢٥٨) وابن عدي في الكامل ٦/ ١٩٤ من طريق محمد بن عبد الرحمن الطُّفاوي عن أيوب السختياني، به. وقال ابن عدي: وهذا الحديث لم يحدِّث به عن أيوبَ غير الطُّفاويّ، وهو غريب من حديث أيوب عن الزُّهريّ.
قلنا: ومحمد بن عبد الرحمن الطُّفاوي صدوق حَسَن الحديث، وثَّقه ابن المديني، وقال ابن معين في روايةٍ، وأبو داود وأبو حاتم وابن عديّ: ليس به بأس، صدوق صالح إلّا أنه يهم أحيانا، وضعّفه أبو زرعة في روايةٍ، وقال في أخرى: صدوق إلا أنه يهم أحيانًا. وقال الدارقطني مقويًا لأمره: قد احتجَّ به البخاري وقال الذهبي في الميزان: مشيخ مشهور ثقة. ينظر: تحرير التقريب (٦٠٨٧)، فمثله يمكن تحسين حديثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>