للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا قولُ محمدِ بنِ الحسنِ في هذا البابِ، فإنَّه قال: إذا صلَّى الرجلُ لمرَضٍ به قاعدًا؛ يركَعُ ويسجُدُ، ولا يُطِيقُ إلّا ذلك، بقوم قيام يركَعون ويسجُدُون، فإنَّ صلاتَه جائزةٌ، وصلاةُ مَن خلفَه ممَّن لا يستطِيعُ القِيامَ، حُكمُه كحُكمِه، جائِزَةٌ أيضًا، وصلاةُ مَن صلَّى خلفَه ممَّن حُكمُهِ القِيامُ باطِلةٌ.

وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ: صلاتُه وصلاتُهم جائِزَةٌ. وقالوا: لو صلَّى وهو يومئُ بقوم يركَعون ويسجُدُون، لم يُجزِئْهم، في قولهم جميعًا، وأجزَأتِ الإمامَ صلاتُه (١).

وكان زُفَرُ يقولُ: تُجزِئُهم صلاتُهم؛ لأنَّهم صلَّوْا على فرضِهم، وصلَّى إمامُهم على فرضِه.

وأمَّا ابنُ قاسم فإنَّه قال: لا يأتمُّ القائمُ بالجالسِ في فريضةٍ ولا نافلةٍ، ولا بأسَ أن يأتمَّ الجالسُ بالقائم. قال: ولا ينبغِي أن يؤمَّ أحدٌ في نافلةٍ ولا في فريضةٍ قاعدًا. قال: وإن عرَض للإمام ما يمنَعُه منَ القيام استَخْلَف (٢).

واختلَف أصحابُ مالكٍ في إمامةِ المريضِ بالمرضَى جُلوسًا، فأجازَها بعضُهم وكرِهها أكثَرُهم، ولم يختلِفُوا فيمَن صلَّى شيئًا مِن فرضِه جالسًا وهو قادِرٌ على القيام، أنَّ عليه الإعادةَ أبدًا.

وذكر سُحنونٌ (٣)، عن ابنِ قاسم، عن مالكٍ، عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خرَج وهو مريضٌ وأبو بكرٍ يُصلِّي بالناسِ، فجلَس إلى جنبِ


(١) نقله عنهما محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ١/ ٢١٨، والطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٢٤، والسَّرخسي في المبسوط ١/ ٢١٤.
(٢) ينظر ما نُقل عن ابن القاسم في التهذيب في اختصار المدوّنة ١/ ٢٤٨ (١٥٨) لخلف بن أبي القاسم محمد القيرواني.
(٣) "سحنون" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>