للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزهريِّ، سَمِعَ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: قَدِم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ وأنا ابنُ عشرِ سنين، ومات وأنا ابنُ عشرين سنةً، فكُنَّ أُمَّهاتي يحثُثْنَي على خِدْمَتِه، فدخَلَ علينا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- دارَنا، فحَلَبْنا له مِن شاةٍ لنا داجِنٍ، فشِيبَ له مِن مَاءِ بئرٍ في الدَّارِ، وأبو بكرٍ عن شِمالِه، وأعرابيٌّ عن يمينِه، فشَرِب النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وعمرُ ناحِيَةً، فقال عمرُ: أعْطِ أبا بكر. فناوَلَ الأعرابيَّ وقال: "الأيمَنَ فالأيمَنَ" (١).

وقد رَوى هذا الحديثَ محمدُ بنُ الوليدِ البُسْريُّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ مَهْدِيٍّ، عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن أنسٍ مثلَ روايةِ ابنِ عُيينةَ عن الزهريِّ سواءً، وزاد فيه: وقال: "الأيمَنَ فالأيمَنَ"، فمَضَتْ سُنَّةً.

قال الدَّارَقُطْنيُّ: ولم يَرْو (٢) هذا الحديثَ عن مالكٍ بهذِه الألفاظِ إلّا البُسْرِيُّ، عن ابنِ مَهْديٍّ، عنه، وإن كان حَفِظ، فقد أغْرَبَ بألفاظٍ عِدَّةٍ ليست في "الموطأ"؛ منها قولُه: قَدِم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ وأنا ابنُ عشرِ سنين، ومات وأنا ابنُ عشرين سنةً، وكُنَّ أُمَّهاتي يَحثُثنني على خِدْمَتِه، فدَخَل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- دارَنا، فحلبنا له مِن شاةٍ لنا داجِنٍ. فكلُّ هذه الألفاظِ ليست في "الموطأ". وقولُه: أيضًا: وعمرُ ناحيَةً، فقال عمرُ: أعْطِ أبا بكرٍ. ليست في "الموطأ". وقولُه: فمَضَتْ سُنةً. ليس في "الموطأ"، ولا في حديثِ ابنِ عيينةَ أيضًا. وسائِرُ الألفاظِ كلِّها محفوظة عن ابنِ عيينةَ، عن الزهريِّ، عن أنس.

وقد بَلَغني عن بعضِ مَن تكلَّف الكلامَ في هذا الشَّأن، أنّه قال: الأعرابيُّ في هذا الحديثِ هو خالدُ بنُ الوليدِ. وهذا منه إغْفالٌ شديدٌ، وإقدامٌ على القولِ


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى ٧/ ٢٨٥ (١٥٠٦٣) من طريق أبي سعيد أحمد بن محمد البصري ابن الأعرابي، عن سعدان بن نصر وحده، به.
وهو عند الحميديّ في مسنده (١١٨٢)، وأحمد في المسند ١٩/ ١٣٢ (١٢٠٧٧)، ومسلم (٢٠٢٩) (١٢٥) من طريق سفيان بن عيينة، به.
(٢) في ج: "ولم يرو أحدٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>