"اقتُلوهم وإن وجَدْتُموهم مُتَعلِّقين بأستارِ الكعبةِ": عِكْرِمَةُ بنُ أبي جَهْلٍ، وعبدُ الله بنُ خَطَلٍ، ومِقْيَسُ بنُ صُبابةَ، وعبدُ الله بنُ سَعْدِ بنِ أبي سَرْح.
فأمّا عبدُ الله بنُ خَطَلٍ، فأُدْرِك وهو مُتَعَلقٌ بأستارِ الكعبةِ، فاسْتَبق إليه سعيدُ بنُ حُرِيْثٍ وعمَّارُ بنُ ياسِرٍ، فسبَق سعيدٌ عمارًا وكان أشَدَّ الرجُلَيْن، فقَتَله، وأمّا مِقْيَسُ بنُ صُبابَةَ، فأدرَكَه الناسُ وهو في السُّوقِ فقَتَلُوه.
وأمّا عكرمةُ، فرَكِب البحرَ فأصابَتْهُم ريحٌ عاصِفٌ، فقال أصحابُ السفينةِ لأهلِ السَّفينةِ: أخلِصوا، فإنَّ آلهتكم لا تُغْني عنكم شيئًا هاهنا. فقال عكرمةُ: والله لئن لم يُنْجِني في البحرِ إلّا الإخلاصُ، ما يُنْجيني في البرِّ غيرُه، اللهمَّ إنَّ لك عليَّ عَهْدًا إن أنت عافَيْتَني ممَّا أنا فيه، أن آتيَ محمدًا حتى أضعَ يدي في يَدِه، فلأجدَنَّه عَفُوًّا كريمًا. قال: فجاء فأسلَمَ.
وأمّا عبدُ الله بنُ سعدِ بنِ أبي سرح، فإنَّه اختَبأ عندَ عثمانَ بنِ عفانَ، فلمَّا دَعا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الناسَ إلى البيعةِ، جاء به حتى أوقَفَه على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، بايع عبدَ الله، فرَفَع رأْسَه، فنظَر إليه ثلاثًا، كلَّ ذلك يأْبى، فبايَعَه بعدَ ثلاثٍ، ثم أقْبَل على أصحابِه فقال:"أما كان فيكم رجلٌ رَشِيدٌ يقومُ إلى هذا حينَ رآني كفَفْتُ يدي عن بَيْعَتِه فيَقْتُلَه؟ ". فقالوا: ما يُدْرينا يا رسولَ الله ما في نَفْسِك؟ ألا أومأتَ إلينا بعَيْنِك؟ فقال:"إنّه لا يَنْبَغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائِنَةُ أعينٍ".
وأخبرنا قاسِمُ بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا خالِدُ بنُ سعدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرِو بنِ منصورٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ سَنْجَرَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: حدَّثنا أسباطُ بنُ نصرٍ، قال: زَعَم السُّدِّيُّ، عن مُصْعَبِ بنِ سعدٍ، عن أبيه، قال: لما كان يومُ فتح مكةَ، فذكَره سواءً إلى آخرِه (١).