للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُنّا نُصلِّي العَصْرَ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- والشمسُ بيضَاءُ نَقِيةٌ، ثم نأتي بَني عَمْرِو بنِ عَوْفٍ وإنَّها لمُرْتَفِعَةٌ، وهي على رأس ثُلُثَيْ فَرْسَخ من المدينَةِ (١).

وفي هذا الحديث مِن الفِقْهِ تَعْجِيلُ العَصْرِ، وعلى هذا كان الأمْرُ الأوَّلُ، ألا ترى إلى حديثِ مالكٍ، عن العلاء، قال: صلَّينا الظُّهْرَ، ثم دخَلْنَا على أنس بنِ مالكٍ، فوجدناه يُصلِّي العَصْرَ. وذلك أنَّهم كانوا صلَّوُا الظّهْرَ مع بعضِ بني أُميَّة بالبصرَةِ ثم دخلوا على أنس فوجدُوه يُصلِّي العَصْرَ. وسنذكُرُ هذا الخبرَ في بابِ العَلاء (٢) إن شاء اللهُ تعالى.

وفيه ما يدُلُّ على أنَّ مُرَاعاةَ القامَةِ في الظُّهْرِ والقَامَتَين في العَصْرِ اسْتِحبابٌ، وأنَّ وقْتَ العَصْرِ ممدُودٌ ما كانتِ الشَّمْسُ بيضَاءَ نقيةً. وكذلكَ حدَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه وقْتَ صلاةِ العَصْرِ مِثْلَ هذا الحدِّ، وكتَبَ به إلى عمَالِه (٣). وقد رُويَ نحوُ هذا عن جماعةٍ مِنَ الصَّحابَةِ؛ منهم عائِشَةُ في قولها: كانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي العَصْرَ والشمسُ في حُجرتِها قبلَ أن تَظْهَرَ (٤). وروى الأوزاعيُّ، قال: حدَّثني أبو النَّجَاشيِّ، قال: حدَّثني رافِعُ بنُ خَديج، قال: كُنَّا نُصلِّي مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-


(١) أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث ١/ ٢٤١ (١١٢)، ومن طريقه أخرجه الخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة ٤/ ٢٣٧ (١١٩) كلاهما عن داود بن المحبّر بن حمّاد بن سلمة، به. وأورده ابن حجر في المطالب العالية ٣/ ١٩٠ (٢٦٥) وعزاه للحارث بن أبي أسامة.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٠٢ (٥٨٦) عن العلاء بن عبد الرحمن، وسيأتي تخريجه مع مزيد كلام عليه في أوّل أحاديث العلاء بن عبد الرحمن إن شاء الله تعالى.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٧ (٦) عن نافع مولى ابن عمر: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عُمّاله: إنّ أهم أمْرَكم عندي الصَّلاة، فذكره.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٤ (٢)، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في أوَّل أحاديث ابن شهاب عن عروة.

<<  <  ج: ص:  >  >>