للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديثُ أبينُ مِن أن يحتاجَ إلى شرح وتفسير. وفيه قبولُ خبَرِ الواحِدِ. وفيه أيضًا روايةُ الكبيرِ عمَّن دُونَه في العلم والمنزلَةِ إذا كان ثِقَةً.

وفيه أنّه قد يذهَبُ عن العالم الحَبْرِ ما يُوجَدُ عندَ غيره مِن العلماء ممَّن ليس مثلَه، وكان عمرُ رَحِمه اللهُ مِن العلم بموضِع لا يُوَازِيه أحَدٌ، قال عبدُ الله بنُ مسعودٍ: لو وُضِع عِلْمُ عمرَ في كِفَّةٍ وعلمُ أهلِ الأرضِ في كفَّةٍ، رجَح علمُ عمرَ (١). ودليلُ ذلك أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- رأى أنه دخَل الجنةَ فسُقِي بها لبنًا، فناوَلَ فَضْلَه عمرَ، فقيل له: ما أوَّلتَ ذلك يا رسولَ الله؟ قال: "العِلْمَ" (٢). وأخبارُه في الفقهِ أكثَرُ من أن تُحصى، وقد جَلَبْنا الكثيرَ منها في كتابنا في الصَّحابة (٣).

وفيه أيضًا أنّ الحُجَّةَ لازمةٌ بخَبر الواحدِ العَدْلِ، وأنّ المرءَ يجبُ عليه الانقيادُ للسُّنة إذا ثَبتتْ عنده من نقل الكافَّةِ كانت أو من نَقْلِ الآحادِ العُدولِ.

وفيه سُرعةُ ما كانوا عليه من الانقياد للعلم والاستعمالِ له، وبالله التَّوفيق.


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ٣٣٦، وابن أبي شيبة في المصنّف (٣٢٦٦٦)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ، ص ٤٩١، والحاكم في المستدرك ٣/ ٨٦ من طرقٍ عن الأعمش سليمان بن مهران، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عنه، رضي الله عنه.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٩/ ٣٨٩ (٥٥٥٤)، والدارمي في سننه (٢١٥٤)، والبخاري (٣٦٨١) و (٧٠٠٦)، ومسلم (٢٣٩١)، وابن أبي عاصم في السُّنة (١٢٥٥) من حديث حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه رضي الله عنهما.
(٣) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ١/ ١١٤٤ - ١١٥٩ (١٨٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>