للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن أصحابِ ابنِ شهابٍ إلّا عن محمودِ بنِ الربيع (١)، ولا يُحفَظُ إلّا لمحمودِ بنِ الربيع، وهو حديثٌ لا يُعرَفُ إلّا به، وقد رواه عنه أنسُ بنُ مالكٍ، عن عِتْبانَ بنِ مالكٍ (٢). ومحمودُ بنُ لبيدٍ ذكرُه في هذا الحديثِ خطأٌ، والكمالُ لله والعصمةُ به لا شريكَ له.

وفي هذا الحديثِ من الفقهِ: أنَّ إمامةَ الأعمى جائزةٌ. وفيه أنّه كان يُجمَّعُ في مدينةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في غيرِ مسجدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان ذلك لعُذْرٍ، ومِن هذا الباب قولُه: "ألا صلُّوا في الرِّحالِ" (٣). واللهُ أعلم.

وفيه: التخلُّفُ عن الجماعةِ في المطرِ والظُّلمةِ لمن لم يُطِقِ المشيَ إليها أو تأذَّى به.

وفيه: أن يُخبِرَ الإنسانُ عن نفسِه بعاهةٍ فيه، وأنَّ ذلك ليس مِنَ الشكوَى.

وفيه: التبرُّكُ بالمواضع التي صلَّى فيها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ووطِئها وقام عليها.

وقي هذا دليلٌ على صحةِ ما كان القومُ عليه من صريح الإيمانِ، وما كان عليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِن حُسنِ الخُلقِ وجميلِ الأدبِ في إجابتِه كلَّ مَن دعاه إلى ما دعاه إليه ما لم يكُنْ إثمًا.


(١) رواه عن مالك على الوجه المذكور: أبو مصعب الزُّهري (٥٧٢)، وابن القاسم (٨)، وسويد بن سعيد (١٨٤) في موطآتهم، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري (٦٦٧)، والبيهقي ٣/ ٧١ و ٨٧، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عند الجوهري (١٢٨)، والشافعي في مسنده، ص ٥٣، ومعن بن عيسى القزاز عند النسائي ٢/ ٨٠.
(٢) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٢١ (١٨٩) عن نافع، عن عبد الله بن عمر. ومن طريقه البخاري (٦٦٦)، ومسلم (٦٩٧) (٢٢). وهو الحديث الثالث من أحاديث نافع عن ابن عمر، وسيأتي مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>