للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقديُّ: مات سعيدُ بنُ المسيِّب سنةَ أربع وتسعينَ وهو ابنُ بضع وثمانينَ. قال: وفيها مات عروةُ وعليُّ بنُ حسينٍ، وكان يقال: سنةُ الفقهاء (١).

وروى ابنُ وَهْبٍ والأصمعيُّ وابنُ أبي الوزير عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، قال: كنت أُجالسُ عبدَ الله بنَ ثعلبةَ بنِ صُعَيرٍ أتعلَّم منه النَّسبَ، فسألتُه يومًا عن شيءٍ من الفقه (٢)، فقال: إن كنتَ تريدُ هذا ولكَ به حاجةٌ فعليك بذلك الشّيخ، وأشار إلى سعيدِ بنِ المسيِّب، فتحوَّلت إليه فجالستُه تسعَ (٣) سنينَ (٤) لا أحسَبُ أنّ عالمًا غيرُه. زاد الأصمعيُّ: ثم تحوَّلتُ إلى عروةَ، ففجَّرتُ منه بحرًا (٥).

وروى عبدُ الرحمن بنُ مهديٍّ هذا الخبرَ عن مالكٍ (٦)، فجعل موضعَ عبدِ الله بنِ ثعلبةَ بنِ صُعَيرٍ: ثعلبةَ بنَ أبي مالكٍ، فوَهَم فيه وغَلِطَ، والقولُ عندهم قولُ الأصمعيِّ وابنِ وَهْبٍ وابنِ أبي الوزير، واسمُ ابنِ أبي الوزيرِ: محمّدُ بنُ عمرَ، هاشميٌّ.

وأخبارُ سعيدِ بنِ المسيِّب وفضائلُه في علمِه ودينِه وزُهدِه وفَهْمِه ووَرعِه كثيرةٌ جدًّا، وسنذكُرُها إن شاء الله في كتاب "أخبار أئمّة الأمصارِ" أعان اللهُ على ذلك بفضلِه ونعمته.


(١) نقله عن الواقديّ أبو إسحاق الشِّيرازي في طبقات الفقهاء، ص ٥٧، وينظر: العلل ومعرفة الرجال لعبد الله بن أحمد ٣/ ٤٧١ (٦١٠٦) قال: وجدت في كتاب أبي بخطِّ يده؛ فذكره. والتاريخ الأوسط للبخاري ١/ ٢٣٥ (١١٢٩).
(٢) قوله: "من الفقه" لم يرد في د ١.
(٣) في د ١: "سبع".
(٤) قوله: "سنين" لم يرد في د ١.
(٥) أخرجه الدُّوري في تاريخه ٤/ ٢٨٢ (٤٣٩٠) عن ابن معين، عن الأصمعي وحده، وفي آخره قال: "ففجَّرتُ به ثَبَجَ بحر"، وينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/ ٣٨٢، وهو عند ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٠/ ٢٥٢ من طريق ابن معين، به. قال الخطابي بعد أن ذكره في غريب الحديث له ٢/ ٣٠٧ عن ابن الأعرابي عن الدُّوري عن ابن معين، به: قوله: "ففجرَّت منه ثَبَجَ بَحرٍ" يُريد: مُعظَمَه.
(٦) ذكره الرشيد العطّار في الرُّواة عن مالك، ص ٣٩٥ (١٥٨١) وقال بعد أن ذكر كلام ابن عبد البَرِّ كما هنا، وذكره القاضي عياض في الرُّواة عن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>