للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشعيبُ بنُ أبي حمزة (١)، والزُّبيدي (٢)، فروَوه عن الزهريِّ، عن حميدِ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي هريرة.

وحدَّثنا محمدُ بنُ خليفة، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الحسين، قال: حدَّثنا أبو عبدِ الله أحمدُ بنُ الحسينِ الكَرْخي، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ موسى، قال: حدَّثنا معنُ بنُ عيسى، قال: حدَّثنا مالكُ بنُ أنس، عن ابنِ شهاب، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس الشديدُ بالصُّرَعة، إنّما الشديدُ الذي يملِكُ نفسَه عندَ الغضب".

وفي هذا الحديثِ مِن الفقهِ: فضلُ الحِلم.

وفيه: دليلٌ على أنَّ الحِلم كتمانُ الغيظِ، وأنَّ العاقلَ مَن ملَك نفسَه عندَ الغضب؛ لأنَّ العقلَ في اللُّغةِ: ضبطُ الشيء وحبسُه، ومنه (٣) عِقالُ النَّاقة، ومنه الإبلُ المعقَّلةُ -أي المربوطةُ- هذا معنى العقلِ في اللُّغةِ، ومعناه في الشريعةِ مِلكُ النفسِ وصرفُها عن شهَواتِها المُرديَةِ لها، وحبسُها عمَّا حرَّم اللهُ عليها. واللهُ أعلم.

وقد جعل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- للذي يملِكُ نفسَه ويغلِبُها، مِن القوَّةِ ما ليس للذي يغلِبُ غيرَه. وفي هذا دليلٌ على أنَّ مجاهدةَ النفسِ أصعبُ مرامًا، وأفضلُ مِن مجاهدةِ العدوِّ. واللهُ أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٢٦٠٩) (١٠٨)، والنسائي في الكبرى ٩/ ١٥٢ (١٠١٥٥).
(٢) وهو محمد بن الوليد بن عامر الحمصيّ القاضي، وحديثه عند مسلم (٢٦٠٩) (١٠٨)، والطبراني في مسند الشاميِّين (١٧٣٠).
وقد ذكر هذا الاختلاف فيه عن الزهري الدارقطني في علله ١٠/ ٢٤٩ (١٩٩٠)، وقال: وأرجو أن يكون القولان محفوظين.
(٣) من هنا إلى قوله: "في اللغة" سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>