للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: "أسْرَى" ففيه لغتانِ: سرَى وأسْرى، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]. فهذا رباعيٌّ، وقال امرؤُ القيس (١):

سَريتُ بهم حتى تكِلَّ مطيُّهم ... وحتّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأرسانِ

وهذا ثلاثيٌّ.

وقرئ: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه: ٧٧]، بالوصلِ والقطعِ، على الثلاثيِّ والرباعيِّ جميعًا (٢).

وقال النابغةُ (٣):

أسرَتْ (٤) عليه من الجوزاءِ ساريةٌ ... تُزجي الشَّمالُ عليه جامدَ البرَدِ

فجمعَ بين اللغتين.


(١) ديوانه ص ٩٣، وفي المطبوع منه "مطيت" بدل "سريت"، وأورده سيبويه في الكتاب ٣/ ٢٧، ٢٢٦، والمبرِّد في المقتضب ٢/ ٤٠، وابن منظور في اللسان مادة (غزي) باللفظ المذكور هنا.
(٢) قرأ المدنيّان نافع وأبو جعفر يزيد بن القعقاع وابن كثير المكّي بوَصْل الألف وكَسْر النُّون من "أن" لالتقاء الساكنين وصلًا، ويبتدئون بكسر الهمزة، وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب الحضرميّ وخلف بن هشام بقطع الهمزة مفتوحةً، وهم في السَّكْت والوقف على أصولهم. النشر في القراءات العشر لابن الجزري ٢/ ٢٩٠.
(٣) وهو الذِّبياني في ديوانه ص ١٩، وفي المطبوع منه "سَرَت" بدل: "أسْرَت"، ومثل ذلك وقع في شرح المعلّقات السبع المنسوب لأبي عمرو الشيباني ص ٨٨، و"الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري ٢/ ٦٧ وقال: فهذا حُجّة لنافع.
والبيت أيضًا في أشعار الشعراء السِّتة للأعلم الشنتمريّ ص ٣٢، وفي إيضاح شواهد الإيضاح لأبي عليّ الحسن القيسي ١/ ٣٢٢ بلفظ: "أسْرَت" كما عند المصنِّف.
وقوله: "أسْرَت" أي: جاءت ليلًا، و"الجوزاء" برجٌ في السَّماء. و"سارية" سحابة، و"تُزجي" تدفع، و"الشّمال" يعني ريح الشمال.
(٤) قوله: "أسرت" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>