للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ أيضًا: إباحةُ الاستخدام بالصاحبِ في السفرِ وإن كان حُرًّا؛ لأن بلالًا كان في ذلك الوقت حُرًّا؛ كان أبو بكرٍ اشتراه بمكةَ فأعتَقه، وله ولاؤُه، وذلك قبلَ الهجرةِ، وكانت خيبرُ في سنةِ ستٍّ من الهجرة (١).

وفيه: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينامُ أحيانًا نومًا يُشبِهُ نومَ (٢) الآدميِّين، وذلك إنّما كان منه غِبًّا، لمعنى يُريد اللهُ إحداثَه، وليَسُنَّ لأُمته سُنَّةً تبقى بعدَه، يدُلُّك على ذلك قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأنسَى، أو أُنسَّى، لأسُنَّ" (٣).

وقولُه في حديثِ العلاء بنِ خبَّابِ: إنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو شاء اللهُ لأيقَظنا، ولكن أراد أن تكونَ سنَّةٌ لمن بعدَكم" (٤). وأما طبعُه وجبلَّتُه وعادتُه المعروفةُ منه


(١) هناك خلاف بين أهل التاريخ والسِّيَر في السَّنة التي فُتحت فيها خيبر، وقد نقل هذا الخلاف وبَسَط القول فيه ابن القيِّم في زاد المعاد ٣/ ٢٨١، فقال فيما قاله: "قال مالك: كان فتح خيبرَ في السَّنة السادسة، والجمهورُ على أنها في السابعة. وقَطَع أبو محمد بن حزم بأنها كانت في السادسة بلا شكٍّ؛ ولعلّ الخلافَ مبنيٌّ على أوّل التاريخ، هل هو شهر ربيع الأوّل مقدَمِه المدينة، أو من المحرَّم في أوّل السَّنة؟ وللناس في هذا طريقان؛ فالجمهورُ على أنّ التاريخ وقع من المحرَّم، وأبو محمد بن حزم يرى أنه من شهر ربيع الأوّل حين قدِمَ".
وممن قال بأنها كانت في السَّنة السابعة: الواقديُّ كما في مغازيه ٢/ ٦٣٤ إلا أنه قال: "كانت في شهر صفر، ويقال: خرج لهلال ربيع الأوّل" وتابعَه على ذلك ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ١٠٦ إلا أنه قال: كانت في "شهر جمادى الأولى سنة سبع من مهاجَرِه". وقال البلاذريّ في أنساب الأشراف ١/ ٣٥٢: في صفر سنة سبع، ويقال في جمادى الأولى، ويقال: في شهر ربيع الأوّل.
(٢) النوم لم يرد في د ١.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٥ (٢٦٤) أنه بلَغَه؛ فذكره، وهو الحديث الرابع والأربعون من البلاغات، وسيأتي مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٤) ذكره البيهقي في الأسماء والصفات بإثر الحديث (٢٩٠) عنه معلَّقًا. وأورده ابن كثير في جامع المسانيد ٦/ ٧١٣ في ترجمته (١٤٦٠) وقال: رواه أسباط بن نصر من طريق سماك بن حرب، عن العلاء بن عبد الله، عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>