للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا من جهةِ رفع الفرضِ عنه، وأن ذلك ليس من بابِ قوله: "وعن الصبِيِّ حتى يحتلِمَ" (١).

وإن كان ذلك جاءَ في أثرٍ واحدٍ، فقِفْ على هذا الأصلِ.

وأما قولُ بلالٍ: أخَذ بنفسي الذي أخَذ بنفسكَ. يقولُ: إذا كنتَ أنتَ في منزلتِكَ مِن الله قد غلَبتكَ عينُك، وقُبِضتْ نفسُك، فأنا أحرَى بذلك. وفي هذا دليلٌ على طلبِ الحُجَّةِ والإدلاء بها.

ذكر عبدُ الرزاقِ (٢)، عن معمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن عليِّ بنِ حسين، قال: دخَل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على عليٍّ وفاطمةَ وهما نائمان، فقال: "ألا تُصلُّوا؟ " فقال عليٍّ: يا رسولَ الله، -صلى الله عليه وسلم- إنّما أنفسُنا بيدِ الله، فإذا أراد أن يبعَثَها بعَثها. فانصَرَف عنهما وهو يقولُ: " {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤].

ورواه الليثُ، عن عُقيلٍ، عن الزُّهريِّ، عن عليِّ بنِ حسينٍ، أنَّ الحسينَ بنَ عليٍّ حدَّثه، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- طرَقه وفاطمةَ. فذَكَر الحديثَ. وفي آخرِه: فانصرَف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حين قلتُ له ذلك، فسَمِعتُه وهو مدبرٌ يضِربُ فخذَه وهو يقولُ: " {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} " (٣).

وأما قولُ بلالٍ في هذا الحديثِ: أخَذ بنَفْسي الذي أخَذ بنَفْسِكَ. فمعناه:


(١) هذا جزء من الحديث السالف تخريجه في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(٢) في المصنَّف ١/ ٥٩٠ (٢٢٤٤).
(٣) أخرجه البخاريُّ في الأدب المفرد (٩٥٥)، ومسلم (٧٧٥)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند ٢/ ١٧ (٥٧٥). وعقيل: هو ابن خالد الأيليّ.
وهو عند البخاري في صحيحه (١١٢٧) و (٧٣٤٧) من طريقين عن شُعيب بن أبي حمزة، عن الزُّهريّ، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>