للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأذانِ لما فات (١) مِنَ الصلواتِ، والحجةَ لكُلِّ فريقٍ منهم، في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ من كتابِنا هذا (٢).

وذكر أبو قُرّةَ (٣)، عن مالكٍ، فيمَن نام عن صلاةِ الصبح حتى طلَعتِ الشمسُ، أنّه لايركعُ ركعتي الفجرِ، ولا يبدأُ بشيءٍ قبلَ الفريضةِ. قال مالكٌ: لم يبلُغْنا أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- صلَّى ركعتي الفجرِ حينَ نام عن الصبح حتى طلَعتِ الشمسُ.

قال أبو عمر: ليس في حديثِ ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ركَع ركعتي الفجرِ في ذلك اليوم من وجهٍ يصِحُّ. وقد رُويَ ذلك من وجوهٍ كثيرةٍ صحيحةٍ. وقد تقدَّم ذكرُنا لها ولجميع معاني هذا البابِ مُستوعَبةً مبسوطةً، في باب مُرسلِ زيدِ بنِ أسلمَ من كتابِنا هذا (٤)، فلذلك اختصرناها في هذا الباب، واللهُ الموفقُ للصواب.


= وممن ذهب إلى هذا أيضًا ابن المنذر في الأوسط ٣/ ١٦٨ فقال بعد أن أورد الأحاديث الواردة في هذا الباب: "وقد ثبت حديث عمران بن حصين، فالسُّنة لِمَن فاتَتْهُ صَلَواتٌ أن يؤذِّن للصلاة الأولى منهنَّ ويُقيم فيُصلِّيها، ثم يُقيم لِمَا بعدَها من الصلوات لكلِّ صلاةٍ إقامة؛ والزِّيادة في الأخبار إذا ثبتَتْ يجبُ استعمالُها؛ إذِ الزيادةُ في الخبر في معنى حديثٍ تفرَّدَ به الراوي، فكما يجبُ قبول ما ينفرد به الثِّقةُ من الأخبار، كذلك يجب قبول الزِّيادة منه، والله أعلم". انتهى كلامه.
وممن ذهب من الفقهاء إلى هذا: أبو حنيفة والشافعيُّ وأحمدُ بن حنبل، إلّا أنّ أبا حنيفة قال: يؤذّن لكلِّ صلاة ويقيم، وذهب مالك إلى أنّ مَن فاتَتْهُ صلاة أو صلوات أن يُقيم ولا يؤذِّن؛ وبهذا يظهر -والله أعلم- أنّ الانتصار لمذهب مالك رحمه الله كان وراء قول المصنِّف في أبان العطار ما قاله، ودعوى أنه ليس بحُجّةٍ وعدم قبول زيادته مع ثبوتها من غير واحد مما سلف بيانه.
(١) في د ١: "يأت".
(٢) في سياق شرحه للحديث الثالث والأربعين من مرسل زيد بن أسلم.
(٣) هو موسى بن طارف السَّكسكي، أبو قُرَّة الزُّبيديّ. وقد سلف خبره هذا في الموضع المشار إليه في التعليق السابق.
(٤) وهو الحديث الثالث والأربعون له. وقد سلفت الإشارة إليه في هذا الباب مرارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>