كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب القرشي المخزومي - ١٠ - ج: 4 - ص: 397

قال أبو عمر: أمَّا حديثُ إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، فهذا أصْلُه، وقد رُوي عن إسماعيلَ بنِ عيَّاش، عن ابنِ أبي ذئبٍ (١). ولم يسمَعْه إسماعيلُ من ابنِ أبي ذئبٍ، وإنَّما سَمِعه مِن عبَّادِ بنِ كثير، عن ابنِ أبي ذئبٍ، وعبَّادُ بنُ كثيرٍ عندَهم (٢) ضعيفٌ لا يُحتجُّ به، وإسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ عندَهم أيضًا غيرُ مقبولِ الحديثِ إذا حدَّث عن غيرِ أهلِ بَلَدِه، فإذا حدَّثَ عن الشاميِّينَ فحديثُه مُستقِيمٌ، وإذا حدَّث عن المدنيِّينَ وغيرِهم ما عدا الشَّامِيِّين، ففي حديثه خطأ كثيرٌ واضطِرَابٌ، ولا أعلَمُ بينَهم خِلافًا أنّه ليس بشيءٍ فيما رَوَى عن غيرِ أهلِ بلدِه، وقدِ اختَلفوا فيه إذا رَوَى عن أهل بلَدِه، والصوابُ ما ذكرتُ لك إن شاءَ الله.

وقد رُوي هذا الحديثُ عن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن الزُّبيديِّ (٣)، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٤). ولو صَحَّ عن إسماعيلَ، لكان حسنًا، لكنَّ أهلَ العِلْم بالحديثِ يقولونَ: إنَّه إنّما رواه عن ابنِ أبي ذئْبٍ، ولم يَرْوه عن الزُّبيديِّ، وقد أوضَحْتُ لك أصلَ روايتِه في هذا الحديثِ عن ابنِ أبي ذئبٍ، إلّا أنّه قد رُوي عن ابنِ أبي ذئبٍ مِن وجهٍ صالح حسنٍ غيرِ هذا الوجه.

---

(١) أخرجه الدارقطني في السنن ٣/ ٤٣٨ (٢٩٢١)، وفي العلل ٩/ ١٦٩، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥١، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٣٩ (١١٥٥٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥/ ١٦٧ من طرقٍ عن إسماعيل بن عيّاش به.
(٢) الظرف لم يرد في د ١.
(٣) هو محمد بن الوليد بن عامر الحمصيّ الزُّبيديّ، أبو الهذيل الحمصي القاضي.
(٤) أخرجه الدارقطني في السُّنن ٣/ ٤٣٨ (٢٩٢٣)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥١، وتمام في فوائده (٧١) من طريق عبد الله بن عبد الجبار الخبائري، عن إسماعيل بن عيّاشٍ، به.
قال ابن القيسراني في أطراف الغرائب والأفراد ٥/ ١٦٩ فيما قاله عن الاضطراب في إسناد هذا الحديث: "ورواه عبد الله بن عبد الجبّار الخبائري -ويُعرف بزِبريق- عن إسماعيل، عن الزُّبيديّ وعن ابن أبي ذئبٍ جميعًا، وتفرَّد به الخبائريُّ أيضًا عنه". قلنا: وعبد الله بن عبد الجبار الخبائريّ قال عنه أبو حاتم كما في الجرح والتعديل ٥/ ١٠٦ (٤٨٧): "ليس به بأس، صدوق".