للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ وزيادُ بنُ أيوبَ، أنَّ إسماعيلَ بنَ إبراهيمَ حدَّثهم، عن عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيبٍ، عن أنسٍ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- غَزا خيبرَ، فأصَبناها عَنْوةً، فجُمِع السَّبْيُ.

وليس هذا بخلافٍ لما ذكرنا، ألا تَرى إلى ما ذكر ابنُ إسحاقَ، عن الزهريِّ وعبدِ الله بنِ أبي بكرٍ، أنَّ حُصونًا مِن خيبرَ لما رأى أهلُها ما افتُتِحَ عَنْوةً منها تحصَّنوا، وسألوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يحقِنَ دماءَهم ويُسيِّرهم، ففعَل، فسَمِع بذلك أهلُ فَدَكَ، فنزَلوا على مثلِ ذلك، فكانت لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- خاصةً؛ لأنّه لم يُوجِفْ عليها بخيلٍ ولا ركابٍ، وخرَج عنها أهلُها للرُّعب (١).

فهذا قولُ ابنِ شهابٍ، وهو القائلُ فيما حكاه عنه معمرٌ ويونسُ، قال: خمَّس رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- خيبرَ، ثم قسَم سائرَها على مَن شهِدها ومَن غابَ عنها مِن أهلِ الحديبيةِ (٢).

ومعلومٌ أنّه لا يخمِّسُ ما لم يُوجِفْ عليه بخيلٍ ولا ركابِ، ولا يجعَلُ نصفَها لنوائبه، ونصفَها للمسلمينَ، على ما قال بُشَيرُ بنُ يسارٍ (٣)، وهي عَنْوةٌ، فهذا كلُّه يدُلُّك على أنَّ ما كان منها مأخوذًا بالغلبةِ قُسِمَ على أهلِ الحديبيةِ ومَن شهِدها، وخُمِّسَ، وما كان منها ممَّا انجلَى عنه أهلُه وأسلَموه بلا قتالٍ، حكَم


(١) أخرجه يحيى بن آدم الكوفي في الخراج له (٨٩)، ومن طريقه ابن شبّة في تاريخ المدينة ١/ ١٩٣، وأبو داود (٣٠١٦)، والبلاذريّ في فتوح البلدان ١/ ٣٩٠، والبيهقيُّ في الكبرى ٦/ ٣١٧ (١٣٢٠٦) جميعهم عن يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق، به. وفيه عنعنة ابن إسحاق، إلّا أن معنى هذا المرسل معروف مشهور.
(٢) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في الأموال (١٤١)، وأبو داود (٣٠١٩)، والبلاذري في فتوح البلدان ١/ ٣٧ من طرق عن يونس بن يزيد الأيليّ، به.
(٣) سيأتي تخريج حديثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>