للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال إسماعيلُ: يعني خيبرَ ما كان بغيرِ قتالٍ، فجرَى مجرَى بَني النَّضيرِ. قال: وكذلك فَدَكُ، إنّما صالحَ أهلُها حينَ بلَغهم ما كان مِن أمرِ خيبرَ، فصالحوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى حقَن دماءَهم.

قال (١): ولم تختلِفِ الرِّوايةُ في أنَّ خيبرَ قُسِمَتْ على أهلِ الحديبيةِ؛ مَن حضَر فتحَ خيبرَ ومَن لم يَحضُرْ، وإنّما اختلفتِ الرِّوايةُ فيمَن حضَر خيبرَ ولم يحضُرِ الحديبيةَ؛ فقال بعضُهم: قد أُدخِلوا في قِسْمتِها، وقال بعضُهم: لم يُدخَلوا في ذلك.

قال إسماعيلُ: فإذا كان أمرُ خيبرَ على هذه الصِّفةِ، وعلى هذا الخُصوصِ الذي وقَع فيها، فكيف يجوزُ أنْ يُجعلَ أصلًا يقاسُ عليه ما افتُتِحَ بعدَها مِن السَّوادِ وغيرُه، قال: ويجبُ على مَن قاس أمرَ السَّوادِ وغيرِه على أمرِ خيبرَ أنْ يَقسِمَ السَّوادَ على مَن حضَر الوقعةَ وعلى مَن لم يحضُرْها؛ قُسِمَتْ خيبرُ على مَن حضر الوقعةَ وعلى مَن لم يحضُرْها من أهلِ الحديبيةِ، وهذا الموضعُ الذي ذكرتُ أنّه لم تختلِفِ الرِّوايةُ فيه. قال: وكيف يجوزُ أنْ يُتركَ ظاهرُ ما أنزلَ اللهُ على رسولِه فيما أفاءَ اللهُ على رسولِه مِن أهلِ القرَى، ويُحتجَّ في ذلك بأمرِ خيبرَ الذي هذه صفتُه؟

قال أبو عمر: وزعَم أبو جعفرٍ الطحاويُّ أنَّ خيبرَ لم تُقسَمْ في عهدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنّما قسِمَتْ في زمنِ عمرَ بن الخطّاب. قال: وأمَّا ما كان على ذلك مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فيها، فإنّما هو قسمةُ جَمْع، لأنّه جعَل كلَّ مئةِ سهم كسهم واحدٍ، ثم جزَّأ غلَّاتِها على ذلك، ولم يَقسِم الأرضَ.


= وهو عند ابن سعد في الطبقات الكبرى ١/ ٥٠٣، والبزار في مسنده ١/ ٣٧٩ (٢٥٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٣٠٢ (٥٤٢٨)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٩٤ (١٣٣٧٩٠) من طرق عن أسامة بن زيد الليثيّ، به. وإسناده حسن، لأجل أسامة بن زيد الليثي فهو حسن الحديث كما في تحرير التقريب (٣١٧)، وقال الضِّياء في المختارة: إسناده حسن.
(١) القول لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>