للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُخرى، فألقَت جنِينًا - وقال ابنُ كاملٍ: إنَّ امرأتينِ كانتا تحتَ رجلٍ مِن هُذَيلٍ، فتعايَرتا (١)، فرمَتْ إحداهما الأُخرى بحجرٍ، فألقَت جنينًا - وقالا: فقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنينِ بغُرَّةٍ؛ عبدٍ أو وليدةٍ.

هكذا رواه أبو قلابةَ، عن أبي عاصم، عن مالكٍ. وإنَّما في "الموطأ" حديثُ سعيدٍ مُرسلٌ، وحديثُ أبي سلمةً، عن أبي هريرة.

وقد وصَل حديثَ سعيدٍ ثقاتٌ من أصحابِ ابنِ شهابٍ وغيرِه، وهو حديثٌ اختصَره مالكٌ، فذكر منه ديَةَ الجنينِ التي عليها الأمرُ المجتمَعُ عليه عنده، وتَرَك قصةَ المرأةِ إذ ضُرِبتْ فألقَت الجنينَ المذكورَ؛ لأنَّ فيه من روايةِ ابنِ شهابٍ إثباتَ شِبْهِ العمدِ، وإلزامَ العاقلةِ الدِّيَةَ، وهذا شيءٌ لا يقولُ به مالكٌ؛ لأنّه وجَد الفتوى والأمرَ بالمدينة والعملَ على خلافِه (٢)، فكرِه أن يذكُرَ في "موطئِه" بمثلِ هذا الإسنادِ الصحيح ما لا يقولُ به ويقولُ به (٣) غيرُه، وذكر قصَّةَ الجنينِ لا غيرُ؛ لأنّه أمرٌ مجتمَعٌ عليه في الغُرَّةِ.

وهذا الحديثُ عندَ ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المسيِّب وعن أبي سلمةَ جميعًا، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فطائفةٌ من أصحابِه يُحدِّثُون به عنه هكذا، وطائفةٌ يُحدِّثُون به عنه، عن سعيدِ بنِ المسيِّب، عن أبي هريرةَ، ولا يذكُرون أبا سلمةَ (٤)، وطائفةٌ يُحدِّثُون به عنه، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، ولا يذكرون سعيدًا. ومالكٌ أرسَل عنه حديثَ سعيدٍ هذا، ووصَل حديثَ أبي سلمةَ، عن


(١) من التعايُر: وهو التَّسابُّ، فسّبَّت إحداهما الأخرى. ينظر: تاج العروس (عير).
(٢) عبارة م: "لأنه وجد الفتوى والعمل بالمدينة على خلافه".
(٣) قوله: "ويقول به" لم يرد في د ١.
(٤) سيأتي تخريجه قريبًا في أثناء هذا الشَّرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>