للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِه إذا سمِعه. ومعنَى "آمين" عندَ العلماءِ: اللهمَّ استجبْ لنا دُعاءَنا. وهو خارجٌ على قولِ القارئ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إلى قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ}. فهذا هو الدعاءُ الذي يقعُ عليه التأمينُ، ألا ترى إلى قولِه - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ سميٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: "إذا قال الإمامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين" (١)؟ فكأن القارئ يقول: اللهمَّ اهدِنا الصراطَ المستقيمَ، صراطَ الذين أنعَمتَ عليهم، غير المغضوبِ عليهم ولا الضالين، اللهمَّ آمين. وهذا بيِّنٌ واضحٌ، يُغني عن الإكثار فيه. وقد أجمَع العلماءُ على أنْ لا تأمينَ في شيءٍ من قراءةِ الصلاةِ إلّا عندَ خاتمةِ "فاتحة الكتاب"، ولم يختلفوا في معنى ما ذكَرنا فنحتاج فيه إلى القول، ولما كان قولُ الله عزَّ وجلَّ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] دليلًا على أنّه لا بدَّ من الأذانِ يومَ الجمعة، وإن كان ذلك خبرًا، فكذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمَّن الإمامُ" - يعني عند قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} - "فأمِّنوا"، دليلٌ على أنّه لا بدَّ من قراءةِ فاتحةِ الكتاب في كلِّ صلاةٍ. وفي هذا معَ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ لمَن لا يقرأْ بفاتحةِ الكتاب" (٢) دليلٌ على فسادِ قولِ مَن قال: إن الصلاةَ تجزئُ بغيرِها (٣). وسنذكرُ الاختلافَ في هذه المسألة، ونأتي بالحُجةِ لاختيارِنا من ذلك في كتابِنا هذا، عندَ ذكرِ حديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ إن شاء الله (٤).

وقد قيل: إن معنى "آمين": أشهدُ لله، وقيل: بل معناها: كذلك فعَل اللهُ.


(١) الموطأ ١/ ١٤٠ (٢٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٦) ومسلم (٣٩٤) من حديث عبادة بن الصامت.
(٣) هو قول الإمام أبي حنيفة. انظر: المبسوط للسرخسي ١/ ١٩.
(٤) الموطأ ١/ ١٣٦ (٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>