للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ جعفرِ بنِ الوَرْد، قال: حدَّثنا أبو عليٍّ الحسنُ بنُ ياسرٍ البَغْداديُّ، قال: حدَّثنا أبو حاتم الرّازيُّ، قال: حدَّثنا عَبدَةُ بنُ سليمانَ المَرْوَزيُّ، قال: قلتُ لابنِ المبارك: أمَا تَخشى على العلْم أن يجيءَ المُبتَدِعُ فيزيدَ في الحديثِ ما ليس منه؟ قال: لا أخشى هذا بعيشِ الجَهابِذَةِ النُّقّاد (١).

قال أبو عُمر: لعلْم الإسنادِ طرقٌ يصعبُ سلوكُها على من لم يصلْ بعنايتِه إليها، ويقطَعْ كثيرًا من أيامِه فيها. ومن اقتَصَر على حديثِ مالكٍ رحمه اللَّه، فقد كُفِيَ تعبَ التَّفتيشِ والبحث، ووضَع يدَه من ذلك على عُروةٍ وُثْقَى لا تَنفصِمُ؛ لأنَّ مالكًا قد انتقَد وانتقَى، وخلَّص، ولم يَرْوِ إلّا عن ثقةٍ حُجَّة. وسترى موقعَ مُرْسَلاتِ كتابِه، ومَوضعَها من الصِّحَّةِ والاشتهارِ في النَّقل في كتابِنا هذا إن شاء اللَّه.

وإنَّما روَى مالكٌ عن عبدِ الكريم بن أبي المُخارِقِ (٢) وهو مُجتَمَعٌ على ضعفِه وتَرْكِه؛ لأنه لم يَعرِفْه، إذْ لم يكنْ من أهلِ بلَدِه، وكان حسنَ السَّمتِ والصَّلاة، فغَرَّهُ ذلك منه، ولم يُدخِلْ عنهُ في كتابه حُكْمًا أفرَده به (٣).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٢/ ١٨ عن أبيه، به، ومن طريقه ابن عديّ في الكامل ١/ ١٠٣، والخطيب في الكفاية ١/ ١٤٨ (٦٦) بلفظ: "هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة".
(٢) ينظر: الكامل لابن عدي ٧/ ٣٤ - ٤١، وتهذيب الكمال ١٨/ ٢٥٩ - ٢٦٥.
(٣) زاد ناشر م من نسخة ف ١ (وهو في ق أيضًا) فصلًا عنوانه: "باب ذكر عيون من أخبار مالك بن أنس رحمه اللَّه وذكر فضل موطئه "ظنًا منه أنه سقط من الأصل، وتابعه على ذلك مَن نشر الكتاب أو نصوصه استنادًا إلى طبعته، وقد بيّنا في تعليق سابق أن المصنّف كتبه أولًا ثم حذفه من الكتاب بعد، حينما كتب "الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء" حيث تناول هذا الموضوع هناك. على أننا ألحقناه في آخر هذا المجلد زيادة في الفائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>