للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى ابنُ عُلَيّة، عن كثيرِ بنِ شنْظيرٍ، عن عطاءِ بنِ أبي رباح، عن أبي هريرةَ، قال: إذا انتهى إلى القوم وهم قُعودٌ في آخرِ صلاتِهم فقد دخَل في التَّضعيف، وإذا انتهى إليهم وقد سلَّمَ الإمامُ ولم يتفَرَّقُوا فقد دخَل في التَّضعيف. قال عطاءٌ: وكان يقولُ: إذا خرَجَ من بَيتِه وهو يَنْويهم، فأدْرَكَهم أو لم يُدْرِكْهم، فقد دخَلَ في التَّضعيف (١).

وقال الأثرَمُ: سمِعتُ أحمدَ بنَ حنبل، يقول: إنْ دخَلَ مع الإمامِ في التَّشَهُّدِ، فقد دخَلَ في التَّضعيف. وكان أبو سَلَمةَ، وهو راوي الحديث، يُفتي بنحو هذا.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ السلام، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثنا شعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي سَلَمةَ، قال: مَن خرَجَ من بَيتِه قبلَ أنْ يُسَلِّمَ الإمامُ فقد أدرَك (٢).

فهذا أبو سَلَمةَ يُفتي بما يَرى من الفضل، وهو فَقيهٌ جليلٌ، رَوَى هذا الحديث، وعَلِمَ مَخْرَجَه، فوجَبَ ألا يُقطعَ في شيءٍ من الفضائل، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو المُبتدِئُ بها والمتفضِّلُ، لا شريكَ له، إمّا على قدرِ النِّيّات، وإمّا لما شاء مما سبَق في علمِه، وإذا كانَ منتظِرُ الصلاةِ كالمصلِّي في الفضل، ومَن نوى الشيءَ كمَنْ عمِلَه في الفضائل، فأيُّ مَدخلٍ هاهنا للقياس والنظر؟ وسنَزيدُ هذا البابَ بيانًا في بابِ محمدِ بنِ المُنْكدرِ من كتابنا هذا، عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٤١٨٧) والبيهقي في شعب الإيمان (٢٦٣٥) من طريق ابن عُلَيّة - وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، واسم أمه عُلَيّة - به.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢٠٩١) من طريق حماد بن زيد، عن كثير بن شنظير، به.
(٢) وأخرجه ابن أبي شيبة (٤١٨٩) عن غندر محمد بن جعفر، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>