للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمامُ، وقامَ فكَبَّرَ للظُّهْر. وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدرَكَ ركعةً من الصلاةِ فقد أدرَكَ الصلاةَ" فسادُ قول مَن قال: إنَّ مَن فاتَتْه الخُطبةُ يومَ الجُمعةِ صلَّى أربعًا؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَخُصَّ جمُعةً من غيرِها. وقد قال - بأنَّ مَن فاتَتْه الخُطبةُ صلَّى أربعًا - جماعةٌ من التّابِعين؛ منهم: عطاءٌ، وطاوسٌ، ومجاهِدٌ، ومكحولٌ (١).

وقد حدَّثني محمدُ بنُ عبد الله، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ معاوية، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ أبي حَسّانَ، قال: حدَّثنا هِشامُ بنُ عَمّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الحميد، قال: حدَّثنا الأوْزاعيُّ، قال: سألتُ الزُّهريَّ عن رجلٍ فاتَتْه خُطبةُ الإمام يومَ الجمُعةِ، وأدرَكَ الصلاة، فقال: حدَّثني أبو سَلَمةَ أنَّ أبا هريرةَ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أدرَكَ ركعةً من صلاةٍ فقد أدرَكَها" (٢).

واختلفَ العلماءُ في حدِّ إدراكِ الرَّكعةِ مع الإمام، فرُوِيَ عن أبي هريرةَ من طريقٍ فيه نَظَرٌ، أنَّه قال: مَن أدرَكَ القومَ رُكوعًا فلا يَعتدُّ بها (٣). وهذا قولٌ لا نَعلَمُ أحدًا قال به من فُقهاءِ الأمْصارِ ولا من عُلَماءِ التابعين، وقد رُوِيَ مَعناه


(١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٤٨٨)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٥٣٧١)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ١٠٩.
(٢) إسناده صحيح من أجل هشام بن عمار فهو صدوق له ما يُنكر كما قال الذهبي في الميزان، وقد توبع كما تقدم قريبًا، إذ رواه ابن عبد البر من طريق عبد الله بن المبارك عن الأوزاعي ومعمر ومالك، وذكرنا أنه عند مسلم (٦٠٧) من طريق ابن المبارك غير أنه لم يسق لفظه.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ ابن المنذر في الأوسط (٢٠٢٦) من طريق ابن إسحاق، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (٩٣) و (٩٤) من طريق ابن إسحاق، عن الأعرج، عن أبي هريرة، بلفظ: لا يجزيك إلا أن تدرك الإمام قائمًا قبل أن يركع. وصرح ابن إسحاق في رواية البخاري الثانية بسماعه فانتفت شبهة تدليسه، ولذلك قوّى البخاري روايته هذه في القراءة خلف الإمام ونقل عن شيخه علي بن المديني تقويتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>