كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - ٨ - ج: 5 - ص: 162

و: "الكرسيُّ موضِعُ القدمَين" (١)، و: "ضَحِكَ ربُّنا مِن قُنوط عبادِه" (٢)، و: "إنَّ جهنَّمَ لا تمتلئُ" (٣)، وأشباهُ هذه الأحاديث. وقالوا: إنَّ فلانًا يقول: يقعُ في قلوبِنا أنَّ هذه الأحاديثَ حقٌّ. فقال: ضَعَّفْتُم عندي أمرَه، هذه الأحاديثُ حقٌّ لا شكَّ فيها، رواها الثِّقاتُ بعضهم عن بعض، إلّا أنّا إذا سُئلنا عن تفسيرِ هذه الأحاديث لم نُفَسِّرْها، ولم نذكُرْ أحدًا يُفَسِّرُها (٤).

وقد كان مالكٌ يُنكِرُ على مَن حدَّث بمثل هذه الأحاديث. ذكَره أصبغُ وعيسى، عن ابنِ القاسم، قال: سألتُ مالكًا عمَّن يُحدِّثُ الحديثَ: "إنَّ اللهَ خَلَقَ آدمَ على صورَته" (٥)، والحديثَ: "إنَّ اللهَ يكشِفُ عن ساقِه يومَ القيامةِ" (٦)، وأنَّه يُدخِلُ في النارِ يَدَه حتى يُخرجَ مَن أرادَ (٧). فأنكرَ ذلك إنكارًا شديدًا،

---

(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) إسناده حسن من أجل تابعيه وكيع بن حُدس - ويقال: ابن عُدس - فقد قال عنه ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: من الأثبات، وقال الذهبي عن حديثه هذا في معجم الشيوخ ١/ ٢٣٨: حديث صالح الإسناد، قلنا: وصحح له الترمذي مرة حديثًا (الجامع ٢٢٧٩)، وحسنه أيضًا ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٣/ ١٣٩.
وأخرجه الطيالسي (١١٨٨)، وأحمد ٢٦/ ١٠٦ (١٦١٨٧)، وابن ماجة (١٨١)، وعثمان الدارمي في نقضه على المريسي ٢/ ٧٧٧، وابن أبي عاصم في السنة (٥٥٤)، والبغوي في معجم الصحابة (٢٠٤٥)، والآجري في الشريعة (٦٣٨)، والدارقطني في الصفات (٣٠)، وابن بطة في الإبانة (٦٧)، واللالكائي (٧٢٢)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٩٨٧) من حديث أبي رزين العُقيلي.
(٣) يعني حتى يضع الله فيها قدمه، وقد تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) انظر: الصفات للدارقطني (٥٧)، وأصول الاعتقاد لللالكائي (٩٢٨)، والأسماء والصفات للبيهقي (٧٦٠).
(٥) تقدم تخريجه قريبًا.
(٦) أخرجه البخاري (٤٩١٩) و (٧٤٣٩) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٧) أخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري، لكن بلفظ: "فيقبض قبضة من النار".