للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء أنَّ موسى قال له ربُّه حينئذٍ: "لن تراني عينٌ إلا ماتَت، إنَّما يراني أهلُ الجنةِ الذين لا تموتُ أعيُنُهم، ولا تَبْلى أجسادُهم" (١).

وجاءَ عن الحسنِ أنَّه قال: لمّا كلَّم موسى ربُّه، دخَل قلبَه من السُّرور بكلامِه ما لم يدخُلْ قلبَه مثلُه، فدعَته نفسُه إلى أن يُرِيَه نفسَه. وعن قتادةَ، وأبي بكرٍ بنِ أبي شيبةَ، وجماعةٍ مثلُ ذلك.

وذكَر سُنيدٌ، عن حجّاج، عن أبي جعفرٍ، عن الربيع، عن أبي العاليةِ في قوله: {تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ١٤٣]، قال: أولُ مَن آمنَ بك أنَّه لا يراكَ أحدٌ إلّا يومَ القيامة (٢). ولو كان فيها عهدٌ إلى موسى قبل ذلك أنَّه لا يُرى، لم يسألْ ربَّه ما يعلَمُ أنَّه لا يُعطِيه إيّاه، ولو كان ذلك عندَه غيرَ ممكنٍ، لمَا سأله ما لا يمكنُ عندَه. وأهلُ البدع المخالفونَ لنا في هذا التأويل يقولون: إنَّ مَن جَوَّز مثلَ هذا، وأمكنَ عندَه، فقد كفَرَ. فيلْزَمُهم تكفيرُ موسى نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكَفى بتكفيرِه كُفْرًا وجَهْلًا.

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بن زيادٍ الأعرابيُّ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدِ بن الصبّاح الزَّعفرانيُّ، قال: حدَّثنا وكيعٌ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ، عن قيسِ بن أبي حازمٍ، عن جريرِ بن عبدِ الله، قال: كنا جلوسًا عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظَر إلى القمرِ ليلةَ البدرِ، فقال: "أمَا إنكم


(١) أثر ضعيف، وله طريقان أمثلها طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس موقوفًا عليه عند ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٥٩، وفي الطريق إليه رجل ضعيف.
والطريق الأخرى واهية فيها ضعيف ومتروكان وأحدهما متهم بالوضع، وقد أخرجه من هذه الطريق الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٦٣٤) و (١٦٢٩)، وأبو نعيم في الحلية ١٣/ ٢٣٥، وقد جاء الحديث من هذه الطريق مرفوعًا.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ٩/ ٥٥ من طريق عُبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>