للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهِ والنَّظر وجماعةِ أهل الأثر، ولا دليلَ عليها، ولا يُلتفَتُ إليها؛ لمخالفتِها للسُّنة في ذلك، وإنَّما في المسألةِ قولان؛ أحدُهما: قولُ مالكٍ ومَن تابعَه، والحجَّةُ لهم من جهةِ الأثرِ حديثُ ابنِ شهابٍ هذا، ومن جهةِ النَّظر، أنَّ الآكلَ والشّاربَ في القياس كالمُجامع سواءً؛ لأنَّ الصومَ في الشَّريعة: الامتناعُ من الأكلِ والشربِ والجماع، فإذا أثبتت الشريعةُ (١) في وجهٍ واحدٍ منها شيئًا، فسبيلُ نظيرِه في الحكم سبيلُه. والنُّكتةُ الجامعةُ بينَهما: انتهاكُ حُرمةِ الشَّهر بما يُفسدُ الصومَ عمدًا، وقد تقدَّمَ أنَّ لفظَ حديث مالكٍ في هذا الباب يجمَعُ كلَّ فطرٍ.

والقولُ الثاني، قولُ الشافعيِّ ومن تابعَه، والحجَّةُ لهم أنّ الحديثَ ورَد في المُجامعِ أهلَه، وليس الأكلُ مثلَه، بدليل إجماعِهم على أنَّ المستقيءَ عمدًا إنَّما عليه القضاءُ وليس عليه كفّارةٌ، وهو مُفطر عمدًا، وكذلك مُزدردُ الحصاةِ عمدًا عليه القضاءُ، وهو مُفطرٌ مُتعمِّدًا، وليس عليه كفّارةٌ؛ لأنَّ الذِّمّةَ بريئةٌ، فلا يثبُتُ فيها شيءٌ إلَّا بيقين، والآكلُ عمدًا لا يُرجَمُ ولا يُجلَدُ، ولا يجبُ عليه غُسلٌ، فليس كالمُجامع. والكلامُ في هذه المسألة يطول، وفيما لوَّحْنا به كفايةٌ إن شاء الله.

وقد روى أبو المطوِّس، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنَّه قال: "مَن أفطَر يومًا من رمضانَ مُتعمِّدًا لَمْ يُجزِئْه صيامُ الدَّهرِ وإن صامَه" (٢).


(١) من قوله: "الامتناع من الأكل ... " إلى هنا، سقط من م.
(٢) إسناده ضعيف لجهالة أبي المطوّس وأبيه. وقد ضعف هذا الحديث بعينه أحمد فيما نقله عنه ابن قدامة في المغني ٣/ ١٣١ والبخاري فيما نقله عنه الترمذي في العلل الكبير (١٩٩)، وكذا ضعفه المصنِّف، وابن حزم في المحلى ٤/ ٣١١.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (٢٦٦٣)، وإسحاق بن راهوية (٢٧٥) (٣٦٧)، وأحمد ١٤/ ٥٥٤ (٩٠١٤) و ١٦/ ٩ (٩٩٥٨)، والدارمي (١٧٥٦)، وأبو داود (٢٣٩٦)، والنسائي في الكبرى (٣٢٦٨) و (٣٢٦٩) و (٣٢٧٠)، وابن خزيمة (١٩٨٧) و (١٩٨٨)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٥٢١) و (١٥٢٢)، والدارقطني في العلل (١٥٦٢) ٨/ ٢٧١ و ٢٧٢ و ٢٧٤،=

<<  <  ج: ص:  >  >>