للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الزُّهريِّ، قال: حدَّثني حُميدُ بنُ عبد الرَّحمن، عن أبي هريرةَ. وحدَّثني عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ الهيثم، قال: حَدَّثَنَا أبو صالح، قال: حَدَّثَنَا هِقلٌ، قال: حَدَّثَنَا الأوزاعيُّ، قال: حدَّثني الزُّهريُّ، قال: حدَّثني حُميدُ بنُ عبدِ الرَّحمن بن عوفٍ، قال: حدَّثني أبو هريرةَ، قال: بينما أنا عندَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالسٌ، إذ جاءَه رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله، قد هلكتُ. قال: "ويحَك، وما صنَعتَ؟ "، قال: وقَعْتُ على أهلي، قال: "أعتِقْ رقبةً"، قال: ما أجِدُها، قال: "فصُمْ شهرين مُتتابعين"، قال: لا أستطيعُ، قال: "فأطعِمْ ستِّينَ مسكينًا"، قال: ما أجدُ. فأُتِيَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعَرَقٍ فيه خمسةَ عشَرَ صاعًا - وفي حديثِ أيوبَ بن سُويدٍ: بمِكْتَلٍ فيه خمسةَ عشَرَ صاعًا من تمرٍ - فقال: "أين السائلُ؟ "، فقال: ها أنا يا رسولَ الله، قال: "خُذْه وتصدَّقْ به على ستِّينَ مسكينًا"، فقال: يا رسولَ الله، أعلَى غير أهلي؟ فوالذي نفسي بيدِه، ما بينَ لابَتي المدينةِ أحدٌ أحوجُ منِّي. فضحِك رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بدَتْ أنيابُه، وقال: "خُذْه، واستغفِرْ ربَّكَ" (١).

وإذا أطعمَ خمسةَ عشَرَ ستِّينَ، أصابَ كلُّ مسكينٍ منهم رُبُعَ صاع؛ وذلك مُدٌّ بمدِّ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وهذا قاطعٌ في موضع الخلاف.

وقال الثوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه: لا يُجزِئُه أقلُّ من مُدَّين بمدِّ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك نصفُ صاع لكلِّ مسكين، تتمّةَ ثلاثينَ صاعًا، قياسًا منهم على إجماع العلماء أنَّ ذلك هو المقدارُ الذي لا يُجزِئُ أقلُّ منه في فديةِ الأذى (٢).


(١) أخرجه ابن حبان (٣٥٢٦)، والدارقطني (٢٣٠٣)، والبيهقي ٤/ ٢٢٤ و ٥/ ١٨٥ و ١٨٦ و ٧/ ٣٩٣ و ١٠/ ٥٤ من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وإسناده صحيح.
(٢) انظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٦٧ - ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>