للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأثرمُ: قيل لأبي عبد الله - يعني أحمدَ بنَ حنبل -: رجلٌ نَسي فجامَع؟ فقال: ليسَ الجِماعُ مثلَ الأكل، عليه القضاءُ والكفّارةُ، ناسيًا كان أو عامدًا، لأنَّ الذي جاءَ إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: وقَعتُ على امرأتي، ولم يسألْه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنسِيتَ أم تعمَّدْتَ؟ قال أبو عبد الله: وظاهرُ قولِ الرجلِ للنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وقَعتُ على امرأتي، النِّسيانُ والجهالةُ، فلم يسألْه: أنسِيتَ أم تعمَّدْتَ؟ وأفتاه على ظاهرِ الفعل.

وأجمَعوا على أنَّ المُجامعَ في قضاءِ رمضانَ عامدًا لا كفّارةَ عليه، حاشا قتادةَ وحدَه. وأجمعوا أنَّ المفطِرَ في قضاءِ رمضانَ لا يقضِيه، وإنَّما عليه ذلك اليومُ الذي كان عليه من رمضانَ لا غيرُ، إلّا ابنَ وَهْبٍ فإنَّه جعَل عليه يومين، قياسًا على الحجِّ (١).

وأجمَعوا على أنَّ مَن وطِئَ في يومٍ واحدٍ مرّتين أو أكثرَ، أنَّه ليس عليه إلّا كفّارةٌ واحدةٌ (٢).

واختلَفوا فيمن أفطَر مرّتين أو مرارًا في أيام من أيام رمضانَ، فقال مالكٌ، واللَّيثُ، والشافعيُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ: عليه لكلِّ يومٍ كفّارةٌ، وسواءٌ وطئ المرّةَ الأخرى قبلَ أنْ يكفِّرَ أو بعدَ أن يُكفِّرَ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إذا جامَع أيامًا في رمضانَ، فعليه كفّارةٌ واحد ما لم يُكفِّرْ ثم يعودُ. وكذلك الآكلُ والشّاربُ عندَهم، فإنْ كفَّر ثم عادَ فعليه كفّارةٌ أخرى. قالوا: وإن أفطَر في رمضانين فعليه كفّارتان. وروَى زفرُ عن أبي حنيفة: إذا أفطَر وكفَّرَ ثم عاد،


(١) انظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٦٩.
(٢) انظر: المغني لابن قدامة ٣/ ١٤٤، والمجموع شرح المهذب للنووي ٦/ ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>