للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان جاء في غير هذا الحديث؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أنفَق زوجين في سبيل الله". ثم قال: "وإن كان مِن أهلِ الصيامِ دُعِيَ مِن بابِ الريّان". ومَن أرْواه اللهُ يومَ القيامة لَمْ يَظمَأ ولم يَنَلْ بُؤْسًا، وتلك حالُ مَن غُفِر له وأُدخِل الجنّة برحمةِ الله، لا حَرَمنا الله ذلك برحمتِه، آمين.

وقد رُوِيَ عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه قال: "للجنّة بابٌ يقال له: الريّان، لا يَدخُلُ منه إلّا الصائمون". وهذا ممّا يدُلُّ أيضًا على أنَّ للجنّة أبوابًا.

وفي حديثِنا هذا أيضًا دليلٌ على فضلِ أبي بكرٍ رضي الله عنه، وأنَّه مِن أهلِ الجنّة، وأنَّه ممّن جُمِع له الأعمالُ الصالحةُ، وأنَّه يُنادَى يومَ القيامة من جميع أبوابِ الجنّة؛ لتقدُّمِه في أعمالِ البرِّ، ورجاءُ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقينٌ إن شاء الله. ومعنى الدعاءِ من تلك الأبواب إعطاؤُه ثوابَ العاملين ونَيْلُه ذلك، واللّهُ أعلم.

حدَّثني أحمدُ بنُ قاسمِ بنِ عبدِ الرَّحمن، قال: حدَّثني عبيدُ الله بنِ إدريسَ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بنُ عبدِ العزيز، قال: حدَّثني عبدُ الغنيِّ بنُ أبي عقيل، قال: حَدَّثَنَا يَغْنَمُ بنُ سالمٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: كان رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالسًا في جماعةِ من أصحابِه، فقال: "مَن صام اليومَ؟ ". فقال أبو بكرٍ: أنا. قال: "مَن تصدَّق اليومَ؟ ". قال أبو بكر: أنا. قال: "مَن عاد اليومَ مريضًا؟ ". قال أبو بكر: أنا. قال: "فمَن شَهِد اليومَ جِنازةً؟ ". قال أبو بكر: أنا. فقال: "وجَبتْ لك، وجَبتْ لك" (١).

قال أبو عُمر: يَعْني الجنّةَ. فهنيئًا له رضي الله عنه الجنّةُ، وعن جماعةٍ الصحابة.


(١) إسناده تالف بمرةٍ من أجل يغنم بن سالم، فهو متهم بوضع الحديث (إكمال ابن ماكولا ٧/ ٣٥٨، وتاريخ الإسلام ٤/ ١٠١١، وضعفاء العقيلي ٤/ ٤٦٦).
ويغني عنه حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم (١٠٢٨) بنحوه لكنه قال في آخره بدل قوله: "وجبت لك وجبت لك": "ما اجتمعن في امرئ إلَّا دخل الجَنَّة".

<<  <  ج: ص:  >  >>