للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأوزاعيُّ رحِمه اللهُ: أدركْتُ أهلَ العلمِ يُحافِظون على السواكِ مع وُضوء الصبحِ والظهرِ، وكانوا يَستحِبُّونه مع كلِّ وُضوءٍ، وكانوا أشدَّ مُحافظةً عليه عندَ هاتين الصلاتين. وقال الأوزاعيُّ: السواكُ شَطْرُ الوُضوءِ. قال: وركعةٌ على أثرِ سواكٍ أفضلُ من سبعين ركعةً بغيرِ سواكٍ. وقال يحيى بنُ معينٍ: لا يَصحُّ حديثُ "الصلاةُ بأثرِ السواكِ أفضلُ من الصلاةِ بغيرِ سواكٍ" (١) وهو باطلٌ. وقال الشافعيُّ: أُحبُّ السواكَ للصلواتِ عندَ كلِّ حالٍ تَغَيَّرَ فيها الفمُ؛ نحوَ الاستيقاظِ من النومِ، والأَزْم (٢)، وكلِّ ما يُغَيِّرُ الفمَ؛ لأنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لولا أنْ أشُقَّ على أُمتي لأمرتُهم بالسواكِ عندَ كلِّ صلاةٍ". قال الشافعيُّ: ولو كان واجبًا لأمَرهم به شقَّ أو لَمْ يَشُقَّ.

ورَوَينا من حديثِ عائشةَ، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "السواكُ مَطْهَرَةٌ للفمِ، مَرْضَاةٌ للربِّ" (٣). وقد كرِهَ جماعةٌ من أهلِ العلمِ السواكَ الذي يُغَيِّرُ الفمَ ويَصبُغُه؛ لِمَا


(١) قال بشار: هو كما قال يحيى بن معين، وقد روي عن عدد من الصحابة، وكل الطرق إليهم ضعيفة، وحَسّنه بعض المتأخرين بتعدد الطرق الضعيفة، وهو لا يُعرف عن الجهابذة المتقدمين أهل المعرفة بمئات الآلاف من الطرق، فقد روي من حديث عروة عن عائشة عند أحمد ٤٣/ ٣٦١ (٢٦٣٤٥)، والبزار ١٨ (١٠٨)، وابن خزيمة (١٣٧)، والحاكم ١/ ١٤٦ وهو من رواية ابن إسحاق وقد دلّسه عن ضعيف باتفاق. كما روي من طريق الواقدي، وهو متروك، ومن طرق أخرى ضعيفة. وروي من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، وأبو الزبير مدلس، كما أن في إسناده من لا يُعرف. وروي من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي إسناده مَن لا يعرف.
وهذه الروايات الضعيفة تزيد الحديث ضعفًا، ولا تقويه.
(٢) الأزم: ترك الأكل.
(٣) إسناده حسن.
وأخرجه الشافعي في الأم ١/ ٣٩، والحميدي في مسنده (١٦٢)، وإسحاق بن راهوية (١١١٦)، وأحمد ٤٠/ ٢٤٠ (٢٤٢٠٣) و ٤١/ ٤٠٤ (٢٤٩٢٥)، والنسائي (٥)، وفي الكبرى (٤)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>